[ ص: 48 ] 436
ثم دخلت سنة ست وثلاثين وأربعمائة
ذكر الإسماعيلية بما وراء النهر قتل
في هذه السنة أوقع بغراخان صاحب ما وراء النهر بجمع كثير من الإسماعيلية .
وكان سبب ذلك أن نفرا منهم قصدوا ما وراء النهر ، ودعوا إلى طاعة صاحب المستنصر بالله العلوي مصر ، فتبعهم جمع كثير ، وأظهروا مذاهب أنكرها أهل تلك البلاد . وسمع ملكها بغراخان خبرهم ، وأراد الإيقاع بهم ، فخاف أن يسلم منه بعض من أجابهم من أهل تلك البلاد ، فأظهر لبعضهم أنه يميل إليهم ، ويريد الدخول في مذاهبهم ، وأعلمهم ذلك ، وأحضرهم مجالسه ، ولم يزل حتى علم جميع من أجابهم إلى مقالتهم ، فحينئذ قتل من بحضرته منهم ، وكتب إلى سائر البلاد بقتل من فيها ، ففعل بهم ما أمر ، وسلمت تلك البلاد منهم .
ذكر وإصعاده إلى أبي كاليجار بغداذ الخطبة للملك
قد ذكرنا لما توفي الملك جلال الدولة ما كان من مراسلة الجند الملك والخطبة له . فلما استقرت القواعد بينه وبينهم أرسل أموالا فرقت على الجند أبا كاليجار بغداذ ، وعلى أولادهم ، وأرسل عشرة آلاف دينار للخليفة ومعها هدايا كثيرة ، فخطب له ببغداذ في صفر ، وخطب له أيضا أبو الشوك في بلاده ، ودبيس بن مزيد ببلاده ، [ ص: 49 ] ونصر الدولة بن مروان بديار بكر ، ولقبه الخليفة محيي الدين ، وسار إلى بغداذ في مائة فارس من أصحابه لئلا تخافه الأتراك .
فلما وصل إلى النعمانية لقيه ، ومضى إلى زيارة المشهدين دبيس بن مزيد بالكوفة وكربلاء ، ودخل إلى بغداذ في شهر رمضان ومعه وزيره ذو السعادات أبو الفرج محمد بن جعفر بن محمد بن فسانجس ، ووعده الخليفة أن يستقبله ، فاستعفى من ذلك ، وأخرج القائم بأمر الله عميد الدولة ( أبا سعد بن عبد الرحيم وأخاه كمال الملك وزيري جلال الدولة ) من بغداذ ، فمضى أبو سعد إلى تكريت ، وزينت بغداذ لقدومه ، وأمر فخلع على أصحاب الجيوش ، وهم : ، البساسيري والنشاووري ، والهمام أبو اللقاء ، وجرى من ولاة العرض تقديم لبعض الجند وتأخير ، فشغب بعضهم وقتلوا واحدا من ولاة العرض بمرأى من الملك ، فنزل في أبي كاليجار سميرية بكنكور ، وانحدر خوفا من انخراق الهيبة ، وأصعد بفم الصلح .
[ الجرجرائي ] وفاة
وفي رمضان منها توفي أبو القاسم علي بن أحمد الجرجرائي وزير الظاهر والمستنصر الخليفتين ، وكان فيه كفاية وشهامة وأمانة ، وصلى عليه المستنصر بالله .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة نزل الأمير أبو كاليجار كرشاسف بن علاء الدولة من كنكور ، وقصد همذان فملكها ، وأزاح عنها نواب السلطان طغرلبك ، وخطب للملك ، وصار في طاعته . أبي كاليجار
[ ص: 50 ] وفيها أمر الملك ببناء سور مدينة أبو كاليجار شيراز ، فبني وأحكم بناؤه ، وكان دوره اثني عشر ألف ذراع ، وعرضه ثمانية أذرع ، وله أحد عشر بابا ، وفرغ منه سنة أربعين وأربعمائة .
وفيها نقل تابوت جلال الدولة من داره إلى مشهد باب التبن إلى تربة له هناك .
وفيها استوزر السلطان طغرلبك وزيره أبا القاسم علي بن عبد الله الجويني ، وهو أول وزير وزر له ، ثم وزر له بعده رئيس الرؤساء أبو عبد الله الحسين بن علي بن ميكائيل ، ثم وزر له بعده نظام الملك أبو محمد الحسن بن محمد الدهستاني ، وهو أول من لقب نظام الملك ، ثم وزر له بعده ، وهو أشهرهم ، وإنما اشتهر لأن عميد الملك الكندري طغرلبك في أيامه عظمت دولته ، ووصل إلى العراق وخطب له بالسلطنة ، وسيرد في أخباره ما فيه كفاية ، فلا حاجة إلى ذكرها هاهنا .
[ الوفيات ]
وفيها توفي الشريف المرتضى أبو القاسم علي أخو الرضي في آخر ربيع الأول ، ومولده سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ، وولي نقابة العلويين بعده أبو أحمد عدنان ابن أخيه الرضي .
وفيها توفي القاضي أبو عبد الله ( الحسين بن علي بن محمد ) الصيمري ، وهو شيخ أصحاب أبي حنيفة في زمانه ، ومن جملة تلامذته القاضي أبو عبد الله [ ص: 51 ] الدامغاني ، ومولده سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة ، وولي بعده قضاء الكرخ القاضي مضافا إلى ما كان يتولاه من القضاء بباب الطاق . أبو الطيب الطبري
وفيها توفي القاضي أبو الحسن عبد الوهاب بن منصور بن المشتري قاضي خوزستان وفارس ، وكان شافعي المذهب .
وفيها أيضا توفي أبو الحسين محمد بن علي البصري ، المتكلم المعتزلي ، صاحب التصانيف المشهورة .