[ ص: 366 ] 369
ثم دخلت سنة تسع وستين وثلاثمائة
ذكر أبي تغلب بن حمدان قتل
في هذه السنة ، في صفر ، قتل أبو تغلب فضل الله بن ناصر الدولة بن حمدان .
وكان سبب قتله أنه سار إلى الشام ، على ما تقدم ذكره ، ووصل إلى دمشق ، وبها قسام قد تغلب عليها ، كما ذكرناه ، فلم يمكن أبا تغلب من دخولها فنزل بظاهر البلد ، وأرسل رسولا إلى العزيز بمصر يستنجده ليفتح له دمشق ، فوقع بين أصحابه ، وأصحاب قسام فتنة ، فرحل إلى نوى ، وهي من أعمال دمشق ، فأتاه كتاب رسوله من مصر يذكر أن العزيز يريد أن يحضر هو عنده بمصر ليسير معه العساكر ، فامتنع ، وترددت الرسل ، ورحل إلى بحيرة طبرية ، وسير العزيز عسكرا إلى دمشق مع قائد اسمه الفضل ، فاجتمع بأبي تغلب عند طبرية ، ووعده ، عن العزيز ، بكل ما أحب ، وأراد أبو تغلب المسير معه إلى دمشق ، فمنعه بسبب الفتنة التي جرت بين أصحابه وأصحاب قسام ، لئلا يستوحش قسام ، وأراد أخذ البلد منه سلما ، ورحل الفضل إلى دمشق فلم يفتحها .
وكان بالرملة دغفل بن المفرج بن الجراح الطائي قد استولى على هذه الناحية ، وأظهر طاعة العزيز من غير أن يتصرف بأحكامه ، وكثر جمعه ، وسار إلى أحياء عقيل المقيمة بالشام ليخرجها من الشام ، فاجتمعت عقيل إلى أبي تغلب وسألته نصرتها ، وكتب إليه دغفل يسأله أن لا يفعل ، فتوسط أبو تغلب الحال ، فرضوا بما يحكم به العزيز .
( ورحل أبو تغلب ، فنزل في جوار عقيل ) ، فخافه دغفل ، والفضل صاحب العزيز ، وظنا أنه يريد أخذ تلك الأعمال .
[ ص: 367 ] ثم إن أبا تغلب سار إلى الرملة في المحرم سنة تسع وستين [ وثلاثمائة ] ، فلم يشك ابن الجراح والفضل أنه يريد حربهما ، وكانا بالرملة ، فجمع الفضل العساكر من السواحل ، وكذلك جمع دغفل من أمكنه ( جمعه ) ، وتصاف الناس للحرب ، فلما رأت عقيل كثرة الجمع انهزمت ، ولم يبق مع أبي تغلب إلا نحو سبعمائة رجل ، من غلمانه وغلمان أبيه ، فانهزم ولحقه الطلب ، فوقف يحمي نفسه وأصحابه ، فضرب على رأسه فسقط ، وأخذ أسيرا ، وحمل إلى دغفل فأسره وكتفه .
وأراد الفضل أخذه وحمله إلى العزيز بمصر ، فخاف دغفل أن يصطنعه العزيز ، كما فعل بالفتكين ، ويجعله عنده ، فقتله ، فلامه الفضل على قتله ، وأخذ رأسه وحمله إلى مصر ، وكان معه أخته جميلة بنت ناصر الدولة وزوجته ، وهي بنت عمه سيف الدولة ، ( فلما قتل حملهما بنو عقيل إلى حلب إلى سعد الدولة بن سيف الدولة ) ، فأخذ أخته ، وسير جميلة إلى الموصل ، فسلمت إلى أبي الوفاء نائب عضد الدولة ، فأرسلها إلى بغداذ ، فاعتقلت في حجرة دار عضد الدولة .