[ ص: 281 ] 475
ثم دخلت سنة خمس وسبعين وأربعمائة .
ذكر جمال الملك بن نظام الملك . وفاة
في هذه السنة ، في رجب ، توفي جمال الملك [ أبو ] منصور بن نظام الملك ، وورد الخبر بوفاته إلى بغداذ في شعبان ، فجلس أخوه مؤيد الملك للعزاء ، وحضر فخر الدولة بن جهير ، وابنه عميد الملك ، معزيين ، وأرسل الخليفة إليه في اليوم الثالث فأقامه من العزاء .
وكان سبب موته أن مسخرة كان للسلطان ملكشاه يعرف بجعفرك يحاكي نظام الملك ، ويذكره في خلواته مع السلطان ، فبلغ ذلك جمال الملك ، وكان يتولى مدينة بلخ وأعمالها ، فسار من وقته يطوي المراحل إلى والده والسلطان ، وهما بأصبهان ، فاستقبله أخواه ، فخر الملك ومؤيد الملك ، فأغلظ لهما القول في إغضائهما على ما بلغه عن جعفرك ، فلما وصل إلى حضرة السلطان رأى جعفرك يساره ، فانتهره وقال : مثلك يقف هذا الموقف ، وينبسط بحضرة السلطان في هذا الجمع ! فلما خرج من عند السلطان أمر بالقبض على جعفرك ، وأمر بإخراج لسانه من قفاه وقطعه فمات .
ثم سار مع السلطان وأبيه إلى خراسان ، وأقاموا بنيسابور مدة ، ثم أرادوا العود إلى أصبهان وتقدمهم نظام الملك ، فأحضر السلطان عميد خراسان ، وقال له : أيما أحب لك رأسك أم رأس جمال الملك ؟ فقال : بل رأسي . فقال : لئن لم تعمل في [ ص: 282 ] قتله لأقتلنك ، فاجتمع بخادم يختص بخدمة جمال الملك ، وقال له سرا : الأولى أن تحفظوا نعمتكم ، ومناصبكم ، وتدبر في قتل جمال الملك ، فإن السلطان يريد أن يأخذه ويقتله ، ولأن تقتلوه أنتم سرا أصلح لكم من أن يقتله السلطان ظاهرا . فظن الخادم أن ذلك صحيح ، فجعل له سما في كوز فقاع ، فطلب جمال الملك فقاعا ، فأعطاه الخادم ذلك الكوز ، فشربه فمات ، فلما علم السلطان بموته سار مجدا ، حتى لحق نظام الملك ، فأعلمه بموت ابنه ، وعزاه ، وقال : أنا ابنك ، وأنت أولى من صبر واحتسب .