[ ص: 111 ] 445
ثم دخلت سنة خمس وأربعين وأربعمائة
ذكر والشيعة ببغداذ الفتنة بين السنة
في هذه السنة في المحرم زادت الفتنة بين أهل الكرخ وغيرهم من السنة ، وكان ابتداؤها أواخر سنة أربع وأربعين [ وأربعمائة ] .
فلما كان الآن عظم الشر ، واطرحت المراقبة للسلطان ، واختلط بالفريقين طوائف من الأتراك ، فلما اشتد الأمر اجتمع القواد واتفقوا على الركوب إلى المحال ، وإقامة السياسة بأهل الشر والفساد ، وأخذوا من الكرخ إنسانا علويا وقتلوه ، فثار نساؤه ونشرن شعورهن واستغثن ، فتبعهن العامة من أهل الكرخ ، وجرى بينهم وبين القواد ومن معهم من العامة قتال شديد ، وطرح الأتراك النار في أسواق الكرخ ، فاحترق كثير منها ، وألحقتها بالأرض ، وانتقل كثير من الكرخ إلى غيرها من المحال .
وندم القواد على ما فعلوه ، وأنكر الإمام ذلك ، وصلح الحال ، وعاد الناس إلى القائم بأمر الله الكرخ بعد أن استقرت القاعدة بالديوان بكف الأتراك أيديهم عنهم .
ذكر الملك الرحيم على أرجان ونواحيها استيلاء
في هذه السنة في جمادى الأولى استولى الملك الرحيم على مدينة أرجان ، وأطاعه من كان بها من الجند ، وكان المقدم عليهم فولاذ بن خسرو الديلمي .
وكان قد تغلب على ما جاورها من البلاد إنسان متغلب يسمى خشنام ، فأنفذ إليه فولاذ جيشا فأوقعوا به وأجلوه عن تلك النواحي ، واستضافوا إلى طاعة الرحيم .
[ ص: 112 ] وخاف هزارسب بن بنكير من ذلك لأنه كان مباينا للملك الرحيم على ما ذكرناه ، فأرسل يتضرع ويتقرب ، ويسأل التقدم إلى فولاذ بإحسان مجاورته ، فأجيب إلى ذلك . 0 ذكر مرض السلطان طغرلبك
في هذه السنة وصل السلطان طغرلبك إلى أصبهان مريضا ، وقوي الإرجاف عليه بالموت ، ثم عوفي ووصل إليه الأمير أبو علي ابن الملك أبي كاليجار الذي كان صاحب البصرة ، ووصل إليه أيضا هزارسب بن بنكير بن عياض صاحب أيذج ، فإنه كان قد خاف الملك الرحيم لما استولى على البصرة وأرجان . فأكرمهما طغرلبك وأحسن ضيافتهما ، ووعدهمالنصرة والمعونة .
ذكر سعدي بن أبي الشوك إلى طاعة الرحيم عود
قد ذكرنا سنة أربع وأربعين [ وأربعمائة ] وصول سعدي إلى العراق ، وأسره عمه ، فلما أسره سار ولده بدر بن المهلهل إلى السلطان طغرلبك ، وتحدث معه في مراسلة سعدي ليطلق أباه ، فسلم إليه طغرلبك ولدا كان لسعدي عنده رهينة ، وأرسل معه رسولا يقول فيه : إن أردت فدية عن أسيرك فهذا ولدك قد رددته عليك ، وإن أبيت إلا المالفة ومفارقة الجماعة قابلناك على فعلك .
فلما وصل بدر والرسول إلى همذان تخلف بدر ، وسار الرسول إليه ، فامتعض من قوله ، وخالف طغرلبك ، وسار إلى حلوان وأراد أخذها ، فلم يمكنه ، وتردد بين روشنقباذ والبردان ، وكاتب الملك الرحيم ، وصار في طاعته ، فسار إليه إبراهيم بن إسحاق وسخت كمان ، وهما من أعيان عسكر طغرلبك ، في عسكر مع بدر بن المهلهل ، فأوقعوا به ، فانهزم هو وأصحابه ، وعاد الغز عنهم إلى حلوان ، وسار بدر إلى شهرزور في طائفة من الغز ، ومضى سعدي إلى قلعة روشنقباذ .
[ ص: 113 ] ذكر أبي منصور إلى شيراز عود الأمير
في هذه السنة في شوال عاد الأمير أبو منصور فولاستون ابن الملك أبي كاليجار إلى شيراز مستوليا عليها ، وفارقها أخوه الأمير أبو سعد .
وكان سبب ذلك أن الأمير أبا سعد كان قد تقدم معه في دولته إنسان يعرف بعميد الدين أبي نصر بن الظهير ، فتحكم معه ، واطرح الأجناد واستخف بهم ، وأوحش أبا نصر بن خسرو صاحب قلعة إصطخر ، الذي كان قد استدعى الأمير أبا سعد وملكه .
فلما فعل ذلك اجتمعوا على مخالفته وتألبوا عليه ، وأحضر أبو نصر بن خسرو الأمير أبا منصور بن أبي كاليجار إليه ، وسعى في اجتماع الكلمة عليه ، فأجابه كثير من الأناد لكراهتهم لعميد الدين ، فقبضوا عليه ، ونادوا بشعار الأمير أبي منصور ، وأظهروا طاعته ، وأخرجوا الأمير أبا سعد عنهم ، فعاد إلى الأهواز في نفر يسير ، ودخل الأمير أبو منصور إلى شيراز مالكا لها ، مستوليا عليها ، وخطب فيها لطغرلبك وللملك الرحيم ولنفسه بعدهما .
ذكر البساسيري بالأكراد والأعراب إيقاع
وفيها في شوال وصل الخبر إلى بغداذ بأن جمعا من الأكراد وجمعا من الأعراب قد أفسدوا في البلاد ، وقطعوا الطريق ، ونهبوا القرى ، طمعا في السلطنة بسبب الغز ، فسار إليهم جريدة ، وتبعهم إلى البساسيري البوازيج ، فأوقع بطوائف كثيرة منهم ، وقتل فيهم ، وغنم أموالهم ، وانهزم بعضهم فعبروا الزاب عند البوازيج ، فلم يدركهم ، وأراد العبور إليهم وهم بالجانب الآخر ، وكان الماء زائدا ، فلم يتمكن من عبوره ، فنجوا .
ذكر عدة حوادث
[ ] الوفيات
في هذه السنة توفي الشريف ، نقيب النقباء ، وقام بعده في النقابة ابنه أبو تمام محمد بن محمد بن علي الزينبي أبو علي .
[ ص: 114 ] وفيها أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي ، وكان مكثرا من الحديث ، سمع توفي ابن مالك القطيعي وغيره ، وإنما قيل له البرمكي لأنه سكن محلة ببغداذ تعرف بالبرامكة ، وقيل : كان من قرية عند البصرة تعرف بالبرمكية .