[ ص: 611 ] 407
ثم دخلت سنة سبع وأربعمائة
ذكر خوارزمشاه وملك يمين الدولة خوارزم وتسليمها إلى التونتاش قتل
في هذه السنة قتل خوارزمشاه أبو العباس مأمون بن مأمون ( وملك يمين الدولة خوارزم ) .
وسبب ذلك أن أبا العباس كان قد ملك خوارزم والجرجانية ، كما ذكرناه ، وخطب إلى يمين الدولة ، فزوجه أخته ، ثم إن يمين الدولة أرسل إليه يطلب أن يخطب له على منابر بلاده ، فأجابه إلى ذلك ، وأحضر أمراء دولته واستشارهم في ذلك ، فأظهروا الامتناع ، ونهوه عنه ، وتهددوه بالقتل إن فعله ، فعاد الرسول وحكى ليمين الدولة ما شاهده .
ثم إن الأمراء خافوه حيث ردوا أمره ، فقتلوه غيلة ، ولم يعلم قاتله ، وأجلسوا مكانه أحد أولاده ، وعلموا أن يمين الدولة يسوءه ذلك ، وربما طالبهم بثأره ، فتعاهدوا على مقاتلته ومقارعته .
واتصل الخبر بيمين الدولة فجمع العساكر وسار نحوهم ، فلما قاربهم جمعهم صاحب جيشهم ، ويعرف بالبتكين البخاري ، وأمرهم بالخروج إلى لقاء مقدمة يمين الدولة والإيقاع بمن فيها من الأجناد ، فساروا معه وقاتلوا مقدمة يمين الدولة ، واشتد القتال بينهم .
[ ص: 612 ] واتصل الخبر بيمين الدولة ، فتقدم نحوهم في سائر جيوشه ، فلحقهم وهم في الحرب ، فثبت الخوارزمية إلى أن انتصف النهار ، وأحسنوا القتال ، ثم إنهم انهزموا ، وركبهم أصحاب يمين الدولة يقتلون ويأسرون ، ولم يسلم إلا القليل .
ثم إن البتكين ركب سفينة لينجو فيها ، فجرى بينه وبين من معه منافرة ، فقاموا عليه وأوثقوه ، وردوا السفينة إلى ناحية يمين الدولة وسلموه إليه ، فأخذه وسائر القواد المأسورين معه ، وصلبهم عند قبر أبي العباس خوارزمشاه ، وأخذ الباقين من الأسرى ، فسيرهم إلى غزنة ، فوجا بعد فوج ، فلما اجتمعوا بها أفرج عنهم ، وأجرى لهم الأرزاق ، وسيرهم إلى أطراف بلاده من أرض الهند يحمونها من الأعداء ، ويحفظونها من أهل الفساد ، وأخذ خوارزم واستناب بها حاجبه التونتاش .