[ ص: 90 ] 230
ثم دخلت سنة ثلاثين ومائتين
ذكر بغا إلى الأعراب بالمدينة مسير
وفي هذه السنة وجه الواثق بغا الكبير إلى الأعراب الذين أغاروا بنواحي المدينة .
وكان سبب ذلك أن بني سليم كانت تفسد حول المدينة بالشر ، ويأخذون مهما أرادوا من الأسواق بالحجاز بأي سعر أرادوا ، وزاد الأمر بهم إلى أن وقعوا بناس من بني كنانة وباهلة ، فأصابوهم ، وقتلوا بعضهم في جمادى الآخرة من سنة ثلاثين ومائتين ، فوجه محمد بن صالح عامل المدينة إليهم حماد بن جرير الطبري ، وكان مسلحة لأهل المدينة ، في مائتي فارس ، وأضاف إليهم جندا غيرهم ، وتبعهم متطوعة ، فسار إليهم حماد ، فلقيهم بالرويثة ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزمت سودان المدينة بالناس ، وثبت حماد وأصحابه ، وقريش والأنصار ، وأخذ بنو سليم الكراع ، والسلاح ، والثياب ، فطمعوا ، ونهبوا القرى والمناهل ما بين مكة والمدينة ، وانقطع الطريق .
فوجه إليهم الواثق بغا الكبير أبا موسى في جمع من الجند ، فقدم المدينة في شعبان ، فلقيهم ببعض مياه الحرة من وراء السوارقية قريتهم التي يأوون إليها ، وبها حصون ، فقتل بغا منهم نحوا من خمسين رجلا ، وأسر مثلهم ، وانهزم الباقون ، أقام بغا بالسوارقية ، ودعاهم إلى الأمان على حكم الواثق ، فأتوه متفرقين ، فجمعهم ، وترك من يعرف بالفساد ، وهم زهاء ألف رجل ، وخلى سبيل الباقين ، وعاد بالأسرى إلى المدينة في [ ص: 91 ] ذي القعدة سنة ثلاثين ، فحبسهم ، ثم سار إلى مكة .
فلما قضى حجه سار إلى ذات عرق بعد انقضاء الموسم ، عرض على بني هلال مثل الذي عرض على بني سليم ، فأقبلوا ، وأخذ من المفسدين نحوا من ثلاثمائة رجل ، وأطلق الباقين ، ورجع إلى المدينة ، فحبسهم .