[ ص: 317 ] 181
ثم دخلت سنة إحدى وثمانين ومائة
ذكر محمد بن مقاتل إفريقية ولاية
وفي هذه السنة استعمل الرشيد على إفريقية محمد بن مقاتل بن حكيم العكي ، لما استعفى منها هرثمة بن أعين ، على ما ذكرناه ، سنة سبع وسبعين ومائة ، وكان محمد هذا رضيع الرشيد ، فقدم القيروان أول رمضان ، فتسلمها ، وعاد هرثمة إلى الرشيد ، فلما استقر فيها لم يكن بالمحمود السيرة ، فاختلف الجند عليه واتفقوا على تقديم مخلد بن مرة الأزدي ، ( واجتمع كثير من الجند والبربر وغيرهم ، فسير إليهم محمد بن مقاتل جيشا ، فقاتلوه ، فانهزم مخلد واختفى في مسجد ، فأخذ وذبح ) .
وخرج عليه بتونس تمام بن تميم في جمع كثير ، وساروا إلى القيروان في رمضان سنة ثلاث وثمانين ، وخرج إليه محمد بن مقاتل العكي في الذين معه ، ( فاقتتلوا بمنية الخيل ) ، فانهزم ابن العكي إلى القيروان وسار تمام فدخل القيروان وأمن ابن العكي ، على أن يخرج عن إفريقية ، فسار في رمضان إلى طرابلس .
فجمع إبراهيم بن الأغلب التميمي جمعا كثيرا ، وسار إلى القيروان منكرا لما فعله تمام ، فلما قاربها سار عنها إلى تونس [ في ذي القعدة ] ، ودخل إبراهيم إلى القيروان ، وكتب إلى محمد بن مقاتل يعلمه الخبر ، ويستدعيه إلى عمله ، فعاد إلى القيروان ، فثقل [ ص: 318 ] ذلك على أهل البلد ، وبلغ الخبر إلى تمام ، فجمع جمعا وسار إلى القيروان ، ظنا منه أن الناس يكرهون محمدا ويساعدونه عليه .
فلما وصل قال ابن الأغلب لمحمد : إن تماما انهزم مني وأنا في قلة ، فلما وصلت إلى البلاد تجدد له طمع لعلمه أن الجند يخذلونك ، والرأي أن أسير أنا ومن معي من أصحابي فنقاتله ، ففعل ذلك ، وسار إليه فقاتله ، فانهزم تمام ، وقتل جماعة من أصحابه ، ولحق بمدينة تونس ، فسار إليه ليحصره ، فطلب منه الأمان فأمنه . إبراهيم بن الأغلب