ثم دخلت سنة تسع وتسعين
ذكر سليمان بن عبد الملك موت
في هذه السنة توفي لعشر بقين من صفر ، فكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام . وقيل توفي فيها لعشر مضين من صفر ، فتكون ولايته سنتين وثمانية أشهر إلا خمسة أيام ، وصلى عليه سليمان بن عبد الملك بن مروان . وكان الناس يقولون : عمر بن عبد العزيز سليمان مفتاح الخير ، ذهب عنهم الحجاج ، وولي سليمان ، فأطلق الأسرى ، وأخلى السجون ، وأحسن إلى الناس ، واستخلف . وكان موته عمر بن عبد العزيز بدابق من أرض قنسرين ، لبس يوما حلة خضراء وعمامة خضراء ، ونظر في المرآة ، فقال : أنا الملك الفتى ، فما عاش جمعة ، ونظرت إليه جارية ، فقال : ما تنظرين ؟ فقالت :
أنت نعم المتاع لو كنت تبقى غير أن لا بقاء للإنسان ليس فيما علمته فيك عيب
كان في الناس غير أنك فان
قيل : حج سليمان وحج الشعراء ، فلما كان بالمدينة قافلا تلقوه بنحو أربعمائة أسير من الروم ، فقعد سليمان وأقربهم منه عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، فقدم بطريقهم ، فقال : يا عبد الله اضرب عنقه ! فأخذ سيفا من حرسي فضربه ، فأبان الرأس ، وأطن الساعد وبعض الغل ، ودفع البقية إلى الوجوه يقتلونهم ، ودفع إلى جرير رجلا منهم ، فأعطاه بنو عبس سيفا جيدا ، فضربه فأبان رأسه ، ودفع إلى أسيرا فأعطوه سيفا رديا لا يقطع ، فضرب به الأسير ضربات ، فلم يصنع شيئا ، فضحك الفرزدق سليمان والقوم ، وشمتت به بنو عبس أخوال سليمان ، وألقى السيف وأنشأ يقول :
وإن يك سيف خان أو قدر أتى بتأخير نفس حتفها غير شاهد
فسيف بني عبس وقد ضربوا به نبا بيدي عن رأس ورقاء خالد
كذاك سيوف الهند تنبو ظباتها وتقطع أحيانا مناط القلائد
رأيت زهيرا تحت كلكل خالد فأقبلت أسعى كالعجول أبادر
فشلت يميني يوم أضرب خالدا ويمنعه مني الحديد المظاهر