[ ص: 267 ] 356
ثم دخلت سنة ست وخمسين وثلاثمائة
ذكر معز الدولة وولاية ابنه بختيار موت
في هذه السنة ، ثالث عشر ربيع الآخر ، توفي معز الدولة بعلة الذرب ، وكان بواسط ، وقد جهز الجيوش لمحاربة ، فابتدأ به الإسهال ، وقوي عليه ، فسار نحو عمران بن شاهين بغداذ ، وخلف أصحابه ، ووعدهم أنه يعود إليهم لأنه رجا العافية ، فلما وصل إلى بغداذ اشتد مرضه ، وصار لا يثبت في معدته شيء ، فلما أحس بالموت عهد إلى ابنه عز الدولة بختيار ، وأظهر التوبة ، وتصدق بأكثر ماله ، وأعتق مماليكه ، ورد شيئا كثيرا على أصحابه ، وتوفي ودفن بباب التبن في مقابر قريش ، فكانت إمارته إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا ويومين .
وكان حليما كريما عاقلا ، ولما مات معز الدولة وجلس ابنه عز الدولة في الإمارة مطر الناس ثلاثة أيام بلياليها مطرا دائما منع الناس من الحركة ، فأرسل إلى القواد فأرضاهم ، فانجلت السماء ، وقد رضوا فسكنوا ولم يتحرك أحد .
وكتب عز الدولة إلى العسكر بمصالحة ، ففعلوا وعادوا . عمران بن شاهين
وكانت إحدى يدي معز الدولة مقطوعة ، واختلف في سبب قطعها ، فقيل قطعت بكرمان لما سار إلى قتال من بها ، وقد ذكرناه ، وقيل غير ذلك ، وهو الذي أحدث أمر السعاة ، وأعطاهم عليه الجرايات الكثيرة ، لأنه أراد أن يصل خبره إلى أخيه ركن الدولة سريعا ، فنشأ في أيامه فضل ومرعوش ، وفاقا جميع السعاة ، وكان كل واحد منهما يسير [ ص: 268 ] في اليوم نيفا وأربعين فرسخا ، وتعصب لهما الناس ، وكان أحدهما ساعي السنة ، والآخر ساعي الشيعة .