[ ص: 278 ] 474
ثم دخلت سنة أربع وسبعين وأربعمائة .
ذكر الخليفة ابنة السلطان ملكشاه . خطبة
في هذه السنة أرسل الخليفة الوزير فخر الدولة أبا نصر بن جهير إلى السلطان يخطب ابنته لنفسه ، فسار فخر الدولة إلى أصبهان ، إلى السلطان يخطب ابنته ، فأمر نظام الملك أن يمضي معه إلى خاتون زوجة السلطان في المعنى ، فمضيا إليها فخاطباها ، فقالت : إن ملك غزنة وملوك الخانية بما وراء النهر طلبوها ، وخطبوها لأولادهم ، وبذلوا أربع مائة ألف دينار ، فإن حمل الخليفة هذا المال فهو أحق منهم ، فعرفتها أرسلان خاتون التي كانت زوجة ما يحصل لها من الشرف والفخر بالاتصال القائم بأمر الله بالخليفة ، وأن هؤلاء كلهم عبيده وخدمه ، ومثل الخليفة لا يطلب منه المال ، فأجابت إلى ذلك ، وشرطت أن يكون الحمل المعجل خمسين ألف دينار ، وأنه لا يبقي له سرية ولا زوجة غيرها ، ولا يكون مبيته إلا عندها ، فأجيبت إلى ذلك ، فأعطى السلطان يده ، وعاد فخر الدولة إلى بغداذ .
ذكر وإمارة ولده نور الدولة بن مزيد منصور . وفاة
في هذه السنة ، في شوال ، توفي نور الدولة أبو الأغر دبيس بن علي بن مزيد الأسدي بمطيراباذ ، وكان عمره ثمانين سنة ، وإمارته سبعا وخمسين سنة ، وما زال ممدحا في كل زمان مذكورا بالتفضل والإحسان ، ورثاه الشعراء فأكثروا ، وولي بعده ما كان إليه ابنه أبو كامل منصور ، ولقبه بهاء الدولة ، فأحسن السيرة ، واعتمد الجميل ، [ ص: 279 ] وسار إلى في ذي القعدة ، واستقر له الأمر ، وعاد في صفر سنة خمس وسبعين [ وأربعمائة ] ، وخلع السلطان ملكشاه الخليفة أيضا عليه .
ذكر تميم بن المعز مدينة قابس . محاصرة
في هذه السنة حصر الأمير ، صاحب تميم بن المعز بن باديس إفريقية ، مدينة قابس حصارا شديدا ، وضيق على أهلها ، وعاث عساكره في بساتينها المعروفة بالغابة ، فأفسدوها .
ذكر عدة حوادث .
في هذه السنة تتش ، بعد عود شرف الدولة عن دمشق ، وقصد الساحل الشامي ، فافتتح سار أنطرطوس ، وبعضا من الحصون ، وعاد إلى دمشق .
وفيها ملك شرف الدولة ، صاحب الموصل ، مدينة حران ، وأخذها من بني وثاب النميريين ، وصالحه صاحب الرها ، ونقش السكة باسمه .
وفيها سد ظفر القائمي بثق نهر عيسى ، وكان خرابا منذ ثلاث وعشرين سنة ، وسد مرارا ، وتخرب إلى أن سده ظفر .
وفيها أرسل السلطان إلى بغداذ ليخرج الوزير أبو شجاع الذي وزر للخليفة بعد بني جهير ، فأرسله الخليفة إلى نظام الملك ، وسير معه رسولا ، وكتب معه إلى نظام [ ص: 280 ] الملك كتابا بخطه ، يأمره بالرضا عن أبي شجاع ، فرضي عنه وأعاده إلى بغداذ .
[ الوفيات ]
وفيها ابن السلطان ملكشاه ، واسمه داود ، فجزع عليه جزعا شديدا ، وحزن حزنا عظيما ، ومنع من أخذه وغسله ، حتى تغيرت رائحته ، وأراد قتل نفسه مرات ، فمنعه خواصه ، ولما دفن لم يطق المقام ، فخرج يتصيد ، وأمر بالنياحة عليه في البلد ، ففعل ذلك في عدة أيام ، وجلس له وزير مات الخليفة في العزاء ببغداذ .
وفيها توفي عبد الله بن أحمد بن رضوان أبو القاسم ، وهو من أعيان أهل بغداذ وكان مرضه شقيقة ، وبقي ثلاث سنين في بيت مظلم لا يقدر يسمع صوتا ولا يبصر ضوءا .
وفيها ، في ذي الحجة ، توفي أبو محمد بن أبي عثمان المحدث ، وكان صالحا ، يقرئ القرآن بمسجده بنهر القلائين .
وتوفي علي بن أحمد بن علي أبو القاسم البسري البندار ، ومولده سنة ست وثمانين وثلاثمائة ، سمع المخلص وغيره ، وكان ثقة صالحا .
وفيها توفي أبو إسحاق إبراهيم بن عقيل بن حبش القرشي النحوي .