[ ص: 147 ] 449
ثم دخلت سنة تسع وأربعين وأربعمائة
ذكر طغرلبك إلى بغداذ عود السلطان
لما سلم السلطان طغرلبك الموصل وأعمالها إلى أخيه - عاد إلى إبراهيم ينال بغداذ ، فلما وصل إلى القفص خرج رئيس الرؤساء إلى لقائه ، فلما قارب القفص لقيه عميد الملك ، وزير السلطان ، في جماعة من الأمراء ، وجاء رئيس الرؤساء إلى السلطان فأبلغه سلام الخليفة واستيحاشه ، فقبل الأرض ، وقدم رئيس الرؤساء جاما من ذهب فيه جواهر ، وألبسة فرجية جاءت معه من عند الخليفة ، ووضع العمامة على مخدته ، فخدم السلطان ، وقبل الأرض ، ( ووصل إلى بغداذ ) ولم يمكن أحدا من النزول في دور الناس ، وطلب السلطان الاجتماع بالخليفة ، فأذن له في ذلك .
وجلس الخليفة يوم السبت لخمس بقين من ذي القعدة جلوسا عاما ، وحضر وجوه عسكر السلطان وأعيان بغداذ ، وحضر السلطان في الماء ، وأصحابه حوله في السميريات ، فلما خرج من السميرية أركب فرسا من مراكب الخليفة ، فحضر عند الخليفة ، والخليفة على سرير عال من الأرض نحو سبعة أذرع ، وعليه بردة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيده القضيب الخيزران ، فقبل السلطان الأرض ، وقبل يده ، وأجلس على كرسي ، فقال الخليفة لرئيس الرؤساء : قل له : إن أمير المؤمنين شاكر لسعيك ، حامد لفعلك مستأنس بقربك ، وقد ولاك جميع ما ولاه الله من بلاده ، ورد عليك مراعاة عباده ، فاتق الله فيما ولاك ، واعرف نعمته عليك في ذلك ، واجتهد في نشر العدل وكف الظلم ، وإصلاح الرعية .
[ ص: 148 ] فقبل الأرض ، وأمر الخليفة بإفاضة الخلع عليه ، فقام إلى موضع لبسها فيه وعاد ، وقبل يد الخليفة ووضعها على عينيه ، وخاطبه الخليفة بملك المشرق والمغرب ، وأعطي العهد ، وخرج ، وأرسل إلى الخليفة خدمة كثيرة ، منها خمسون ألف دينار ، وخمسون مملوكا أتراكا من أجود ما يكون ، ومعهم خيولهم وسلاحهم ، وإلى غير ذلك من الثياب وغيرها .