[ ص: 56 ] 438
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة
ذكر مهلهل قرمسين والدينور ملك
في هذه السنة ملك مهلهل بن محمد بن عناز مدينة قرمسين والدينور .
وسبب ذلك أن كان قد استعمل عند عوده من إبراهيم ينال حلوان على قرمسين بدر بن طاهر بن هلال ، فلما ملك مهلهل بعد موت أخيه أبي الشوك سار إلى مايدشت ، ونزل ( بها ، ثم توجه نحو قرمسين ، فانصرف عنها بدر ، فملكها ) مهلهل ، وسير ابنه محمدا إلى الدينور وبها عساكر ينال ، فاقتتلوا ، فقتل بين الفريقين جماعة ، وانهزم أصحاب ينال ، وملك محمد البلد .
ذكر اتصال سعدي بن أبي الشوك بإبراهيم ينال وما كان منه
في هذه السنة في شهر ربيع الأول فارق سعدي بن أبي الشوك عمه مهلهلا ، ولحق بإبراهيم ينال فصار معه .
وسبب ذلك أن عمه تزوج أمه وأهمل جانبه واحتقره ، وكذلك أيضا قصر في مراعاة الأكراد الشاذنجان ، فراسل سعدي في اللحاق به ، فأذن له في ذلك ، ووعده أن يملكه ما كان لأبيه ، فسار إليه في جماعة من إبراهيم ينال الأكراد الشاذنجان ، فقوي بهم ، فأكرمه ينال ، وضم إليه جمعا من الغز ، وسيره إلى حلوان فملكها ، [ ص: 57 ] ( وخطب فيها لإبراهيم ينال في شهر ربيع الأول ، وأقام بها أياما ، ورجع إلى مايدشت ، فسار عمه مهلهل إلى حلوان فملكها ) ، وقطع منها خطبة ينال .
فلما سمع سعدي بذلك سار إلى حلوان ، ففارقها عمه مهلهل إلى ناحية بلوطة ، وملك سعدي حلوان وسار إلى عمه سرخاب فكبسه ونهب ما كان معه ، وسير جمعا إلى البندنيجين ، فاستولوا عليها وقبضوا على نائب سرخاب بها ، ونهبوا بعضها ، وانهزم سرخاب فصعد إلى قلعة دزديلوية ، ثم عاد سعدي إلى قرمسين ، فسير عمه مهلهل ابنه بدرا إلى حلوان فملكها ، فجمع سعدي وأكثر وعاد إلى حلوان ، ففارقها من كان بها من أصحاب عمه إلا من كان بالقلعة ، وملكها سعدي ، وكان قد صحبه كثير من الغز ، فسار بهم منها إلى عمه مهلهل ، وترك بها من يحفظها ، فلما علم عمه بقربه منه سار بين يديه إلى قلعة تيرانشاه بقرب شهرزور ، فاحتمى بها ، وملك الغز كثيرا من النواحي والمواشي ، وغنموا كثيرا من الأموال والدواب .
فلما رأى سعدي تحصن عمه منه خاف على من خلفه بحلوان ، فعاد عازما على محاصرة القلعة فمضى وحصرها ، وقاتله من بها من أصحاب عمه ، ونهب الغز حلوان وفتكوا فيها وافتضوا الأبكار ، وأحرقوا المساكن ، وتفرق الناس ، وفعلوا في تلك النواحي جميعها أقبح فعل .
ولما سمع أصحاب الملك ووزيره هذه الأخبار ندبوا العساكر إلى الخروج إلى أبي كاليجار مهلهل ومساعدته على ابن أخيه ، ودفعه عن هذه الأعمال ، فلم يفعلوا .
ثم إن سعدي أقطع أبا الفتح بن ورام البندنيجين واتفقا ، واجتمعا على قصد عمه سرخاب بن محمد بن عناز وحصره بقلعة دزديلوية ، فسارا فيمن معهما من العساكر ، فلما قاربوا القلعة دخلوا في مضيق هناك من غير أن يجعلوا لهم طليعة ، طمعا فيه وإدلالا بقوتهم ، وكان سرخاب قد جعل على رأس الجبل على فم المضيق جمعا من الأكراد ، فلما دخلوا المضيق لقيهم سرخاب ، وكان قد نزل من القلعة [ ص: 58 ] فاقتتلوا ، وعادوا ليخرجوا من المضيق فتقطرت بهم خيلهم ، فسقطوا عنها ورماهم الأكراد الذين على الجبل ، فوهنوا ، وأسر سعدي وأبو الفتح بن ورام وغيرهما من الرءوس ، وتفرق الغز والأكراد من تلك النواحي ، بعد أن كانوا قد توطنوها وملكوها .
ذكر طغرلبك أصبهان
في هذه السنة حصر حصار طغرلبك مدينة أصبهان ، وبها صاحبها أبو منصور فرامرز بن علاء الدولة ، فضيق عليه ، ولم يظفر من البلد بطائل ، ثم اصطلحوا على مال يحمله فرامرز بن علاء الدولة لطغرلبك ، وخطب له بأصبهان وأعمالها .
ذكر عدةا حوادث
في هذه السنة خرج من الترك من بلد التبت خلق لا يحصون كثرة ، فراسلوا أرسلان خان صاحب بلاساغون ، يشكرونه على حسن سيرته في رعيته ، ولم يكن منهم تعرض إلى مملكته ، ولكنهم أقاموا بها ، وراسلهم ودعاهم إلى الإسلام ، فلم يجيبوا ، ولم ينفروا منه .
وفيها توفي أبو الحسن الخيشي النحوي ( في ذي الحجة ) وله نيف وتسعون سنة .
[ ص: 59 ] وفيها انحدر علاء الدين أبو الغنائم ابن الوزير ذي السعادات إلى البطائح ، وحصرها وبها صاحبها أبو نصر بن الهيثم ، وضيق عليه ، واجتمع مع جمع كثير .
[ ] الوفيات
وفيها في ذي القعدة توفي عبد الله بن يوسف أبو محمد الجويني ، والد ، وكان إماما في الشافعية ، تفقه على إمام الحرمين أبي المعالي أبي الطيب سهل بن محمد الصعلوكي ، وكان عالما بالأدب وغيره من العلوم ، ( وهو من بني سنبس ، بطن من طيئ ) .