[ ص: 235 ] 164
ثم دخلت
في هذه السنة غزا سنة أربع وستين ومائة عبد الكبير بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب من درب الحدث ، فأتاه ميخائيل البطريق ، وطاراذ الأرمني البطريق في تسعين ألفا ، فخاف عبد الكبير ، ومنع الناس من القتال ، ورجع بهم ، فأراد المهدي قتله ، فشفع فيه فحبسه .
وفيها المهدي محمد بن سليمان عن البصرة ، وسائر أعماله ، واستعمل عزل صالح بن داود مكانه .
وفيها سار المهدي ليحج ، فلما بلغ العقبة ، ورأى قلة الماء خاف أن الماء لا يحمل الناس ، وأخذته أيضا حمى ، فرجع ، وسير أخاه صالحا ليحج بالناس ، ولحق الناس عطش شديد حتى كادوا يهلكون ، وغضب المهدي على يقطين لأنه صاحب المصانع .
وفيها عبد الله بن سليمان عن اليمن عن سخطة ، ووجه من يستقبله ، ويفتش متاعه ، [ ويحصي ما معه ] ، واستعمل على عزل اليمن منصور بن يزيد بن منصور ، وعلى إفريقية يزيد بن حاتم ، وكان العمال من تقدم ذكرهم ، وعلى الموصل محمد بن الفضل .
وفيها سار عبد الرحمن الأموي إلى سرقسطة ، بعد أن كان قد سير إليها ثعلبة بن [ ص: 236 ] عبيد في عسكر كثيف ، وكان سليمان بن يقظان ، والحسين بن يحيى قد اجتمعا على خلع طاعة عبد الرحمن ، كما ذكرنا ، وهما بها ، فقاتلهما ثعلبة قتالا شديدا ، وفي بعض الأيام عاد إلى مخيمه ، فاغتنم سليمان غرته ، فخرج إليه ، وقبض عليه ، وأخذه ، وتفرق عسكره .
واستدعى سليمان قارله ملك الإفرنج ، ووعده بتسليم البلد وثعلبة إليه ، فلما وصل إليه لم يصبح بيده غير ثعلبة ، فأخذه وعاد إلى بلاده ، وهو يظن أنه يأخذ به عظيم الفداء ، فأهمله عبد الرحمن مدة ، ثم وضع من طلبه من الفرنج ، فأطلقوه .
فلما كان هذه السنة سار عبد الرحمن إلى سرقسطة ، وفرق أولاده في الجهات ليدفعوا كل مخالف ، ثم يجتمعون بسرقسطة ، فسبقهم عبد الرحمن إليها ، وكان الحسين بن يحيى قد قتل سليمان بن يقظان ، وانفرد بسرقسطة ، فوافاه عبد الرحمن على أثر ذلك ، فضيق على أهلها تضييقا شديدا .
وأتاه أولاده من النواحي ، ومعهم كل من خالفهم ، وأخبروه عن طاعة غيرهم ، فرغب الحسين في الصلح ، وأذعن للطاعة ، فأجابه عبد الرحمن ، وصالحه ، وأخذ ابنه سعيدا رهينة ، ورجع عنه .
وغزا بلاد الفرنج ، فدوخها ، ونهب وسبى وبلغ قلهرة ، وفتح مدينة فكيرة ، وهدم قلاع تلك الناحية ، وسار إلى بلاد البشكنس ، ونزل على حصن مثمين الأقرع ، فافتتحه ، ثم تقدم إلى ملدوثون بن أطلال ، وحصر قلعته ، وقصد الناس جبلها ، وقاتلوهم فيها ، فملكوها عنوة وخربها ثم رجع إلى قرطبة .
وفيها ثارت فتنة بين بربر بلنسية وبربر شنت برية من الأندلس ، وجرى بينهم حروب كثيرة قتل فيها خلق كثير من الطائفتين ، وكانت وقائعهم مشهورة .
[ الوفيات ]
وفيها مات ، شيبان بن عبد الرحمن أبو معاوية التميمي النحوي البصري . وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون
[ ص: 237 ] وعيسى بن علي بن عبد الله بن عباس عم المنصور ، وقيل : مات سنة ثلاث وستين ، وكان عمره ثمانيا وسبعين سنة ، ( وقيل ثمانين سنة ) .
، وسعيد بن عبد العزيز الدمشقي ، وسلام بن مسكين النمري الأزدي ، أبو روح . والمبارك بن فضالة بن أبي أمية القرشي ، مولى عمر بن الخطاب