[ ص: 766 ] 320
ثم دخلت سنة عشرين وثلاثمائة
ذكر الموصل مسير مؤنس إلى
في هذه السنة ، في المحرم ، سار إلى مؤنس المظفر الموصل مغاضبا للمقتدر .
وسبب مسيره أنه لما صح عنده إرسال الوزير الحسين بن القاسم إلى هارون بن غريب ومحمد بن ياقوت يستحضرهما ، زاد استيحاشه ، ثم سمع بأن الحسين قد جمع الرجال والغلمان الحجرية في دار الخليفة ، وقد اتفق فيهم وإن هارون بن غريب قد قرب من بغداذ ، فأظهر الغضب ، وسار نحو الموصل ووجه خادمه بشرى برسالة إلى المقتدر ، فسأله الحسين عن الرسالة ، فقال : لا أذكرها إلا لأمير المؤمنين ، فأنفذ إليه المقتدر يأمره بذكر ما معه من الرسالة للوزير ، فامتنع ، وقال : ما أمرني صاحبي بهذا ، فسبه الوزير ، وشتم صاحبه ، وأمر بضربه ، وصادره بثلاثمائة ألف دينار ، وأخذ خطه بها ، وحبسه ونهب داره .
فلما بلغ مؤنسا ما جرى على خادمه ، وهو ينتظر أن يطيب المقتدر قلبه ، ويعيده ، فلما علم ذلك سار نحو ( الموصل ومعه جميع قواده ، فكتب الحسين إلى القواد والغلمان يأمرهم بالرجوع إلى بغداذ ، فعاد جماعة ، وسار مؤنس نحو ) الموصل في أصحابه ومماليكه ، ومعه من الساجية ثمانيمائة رجل وتقدم الوزير بقبض أقطاع مؤنس وأملاكه وأملاك من معه ، فحصل من ذلك مال عظيم ، وزاد ذلك في محل الوزير عند المقتدر ، فلقبه " عميد الدولة " ، وضرب اسمه على الدينار والدرهم ، وتمكن من الوزارة ، وولى وعزل .
[ ص: 767 ] وكان فيمن تولى أبو يوسف يعقوب بن محمد البريدي ، ولاه الوزير البصرة وجميع أعمالها بمبلغ لا يفي بالنفقات على البصرة وما يتعلق بها ، بل فضل لأبي يوسف مقدار ثلاثين ألف دينار أحاله الوزير بها ، فلما علم ذلك استدرك على الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات أبي يوسف ، وأظهر له الغلط في الضمان ، وأنه لا يمضيه ، فأجاب إلى أن يقوم بنفقات البصرة ، ويحمل إلى بيت المال كل سنة ثمانين ألف دينار ، وانتهى ذلك إلى المقتدر ، فحسن موقعه عنده ، ( فقصده الوزير ، فاستتر ) ، وسعى بالوزير إلى المقتدر إلى أن أفسد حاله .