[ ص: 626 ] 512
ثم دخلت سنة اثنتي عشرة وخمسمائة
ذكر محمود بالعراق وولاية البرسقي شحنكية بغداذ ما فعله السلطان
لما توفي السلطان محمد ، وملك بعده ابنه محمود ، ودبر دولته الوزير الربيب أبو منصور ، أرسل إلى الخليفة يطلب أن يخطب له المستظهر بالله ببغداذ ، فخطب له في الجمعة ثالث عشر المحرم ، وكان شحنة بغداذ بهروز .
ثم إن الأمير كان عند دبيس بن صدقة السلطان محمد ، مذ قتل والده على ما ذكرناه ، فأحسن إليه ، وأقطعه إقطاعا كثيرا ، فلما توفي السلطان محمد خاطب السلطان محمودا في العود إلى بلده الحلة ، فأذن له في ذلك ، فعاد إليها فاجتمع عليه خلق كثير من العرب ، والأكراد ، وغيرهم ، وكان مقيما آقسنقر البرسقي بالرحبة ، وهي إقطاعه ، وليس بيده من الولايات شيء ، فاستخلف عليها ابنه عز الدين مسعودا ، وسار إلى السلطان محمد ، قبل موته ، عازما على مخاطبته في زيادة إقطاعه ، فبلغه وفاة السلطان محمد قبل وصوله إلى بغداذ .
وسمع مجاهد الدين بهروز بقربه من بغداذ ، فأرسل إليه يمنعه من دخولها ، فسار إلى السلطان محمود ، فلقيه توقيع السلطان بولاية شحنكية بغداذ ، وهو بحلوان ، وعزل بهروز .
وكان الأمراء عند السلطان يريدون البرسقي ، ويتعصبون له ، ويكرهون مجاهد الدين بهروز ، ويحسدونه للقرب الذي كان له عند السلطان محمد وخافوا أن يزداد تقدما عند السلطان محمود وحكما . فلما ولي البرسقي شحنكية بغداذ هرب بهروز إلى تكريت ، وكانت له .
[ ص: 627 ] ثم إن السلطان ولى شحنكية بغداذ الأمير منكوبرس ، وهو من أكابر الأمراء ، وقد حكم في دولة السلطان محمود ، فلما أعطي الشحنكية سير إليها ربيبه الأمير حسين بن أزبك ، أحد الأمراء الأتراك ، وهو صاحب أسداباذ ، لينوب عنه ببغداذ والعراق ، وفارق السلطان من باب همذان ، واتصل به جماعة الأمراء البكجية وغيرهم .
فلما سمع البرسقي خاطب الخليفة ليأمره بالتوقف إلى أن يكاتب السلطان ، ويفعل ما يرد به الأمر عليه فأرسل إليه الخليفة ، فأجاب : إن يرسم الخليفة بالعود عدت ، وإلا فلا بد من دخول المستظهر بالله بغداذ . فجمع البرسقي أصحابه وسار إليه ، فالتقوا واقتتلوا ، فقتل أخ لحسين ، وانهزم هو ومن معه ، وعادوا إلى عسكر السلطان ، فكان ذلك في شهر ربيع الأول ، قبل وفاة بأيام . المستظهر بالله