[ ص: 78 ] 327
ثم دخلت سنة سبع وعشرين وثلاثمائة
ذكر مسير الراضي وبجكم إلى الموصل ، وظهور ومسيره إلى ابن رائق الشام
الراضي بالله وبجكم إلى الموصل وديار ربيعة . في هذه السنة في المحرم سار
وسبب ذلك أن أخر المال الذي عليه من ضمان البلاد التي بيده ، فاغتاظ ناصر الدولة بن حمدان الراضي منه لسبب ذلك ، فسار هو وبجكم إلى الموصل ، ومعهما قاضي القضاة أبو الحسين عمر بن محمد ، فلما بلغوا تكريت أقام الراضي بها ، وسار بجكم ، فلقيه ناصر الدولة بالكحيل على ستة فراسخ من الموصل ، فاقتتلوا ، واشتد القتال ، فانهزم أصحاب ناصر الدولة ، وساروا إلى نصيبين ، وتبعهم بجكم ولم ينزل بالموصل .
فلما بلغ نصيبين سار ابن حمدان إلى آمد ، وكتب بجكم إلى الراضي بالفتح ، فسار من تكريت في الماء يريد الموصل ، وكان مع الراضي جماعة من القرامطة ، فانصرفوا عنه إلى بغداذ قبل وصول كتاب بجكم ، وكان يكاتبهم ، فلما بلغوا ابن رائق بغداذ ظهر من استتاره واستولى على ابن رائق بغداذ ، ولم يعرض لدار الخليفة .
وبلغ الخبر إلى الراضي ، فأصعد من الماء إلى البر ، وسار إلى الموصل ، وكتب إلى بجكم بذلك ، فعاد عن نصيبين ، فلما بلغ خبر عوده إلى ناصر الدولة سار من آمد إلى نصيبين ، فاستولى عليها وعلى ديار ربيعة ، فقلق بجكم لذلك ، وتسلل أصحابه إلى بغداذ ، فاحتاج أن يحفظ أصحابه ، وقال : قد حصل الخليفة وأمير الأمراء على [ ص: 79 ] قصبة الموصل حسب .
وأنفذ ابن حمدان قبل أن يتصل به خبر ، يطلب الصلح ويعجل خمسمائة ألف درهم ، ففرح ابن رائق بجكم بذلك ، وأنهاه إلى الراضي ، فأجاب إليه ، واستقر الصلح بينهم ، وانحدر الراضي وبجكم إلى بغداذ . وكان قد راسلهم مع ابن رائق أبي جعفر محمد بن يحيى بن شيرزاد يلتمس الصلح ، فسار إليهم إلى الموصل وأدى الرسالة ( إلى بجكم ، فأكرمه بجكم وأنزله معه ، وأحسن إليه ، وقدمه إلى الراضي فأبلغه الرسالة أيضا ) ، فأجابه الراضي وبجكم إلى ما طلب ، وأرسل في جواب رسالته قاضي القضاة أبا الحسين عمر بن محمد ، وقلده طريق الفرات وديار مضر : ( حران ، والرها ، وما جاورها ) ، وجند قنسرين ، والعواصم ، فأجاب أيضا إلى هذه القاعدة ، وسار عن ابن رائق بغداذ إلى ولايته ، ودخل الراضي وبجكم بغداذ تاسع ربيع الآخر .