ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين ومائتين
ذكر خلع المستعين
في هذه السنة خلع المستعين أحمد بن محمد بن المعتصم نفسه من الخلافة ، وبايع ، وخطب للمعتز بالله بن المتوكل للمعتز ببغداذ يوم الجمعة لأربع خلون من المحرم ، وأخذ له البيعة على كل من بها من الجند .
وكان قد دخل على ابن طاهر المستعين ومعه سعيد بن حميد ، وقد كتب شروط الأمان ، فقال له : يا أمير المؤمنين ! قد كتب سعيد كتاب الشروط ، فأكده غاية التوكيد ، أفنقرأه عليك لتسمعه ، فقال المستعين : لا حاجة لي إلى توكيدها ، فما القوم بأعلم بالله منك ، ولقد أكدت على نفسك قبلهم ، فكان ما علمت ، فما رد عليه محمد شيئا .
فلما بايع المستعين للمعتز ، وأشهد عليه بذلك ، نقل من الرصافة إلى قصر بالمحرم ومعه عياله وأهله جميعا ، ووكل بهم ، وأخذ منه البردة ، والقضيب ، والخاتم ، ووجه مع الحسن بن سهل ، ومنع عبد الله بن طاهر المستعين من الخروج إلى مكة ، فاختار المقام بالبصرة ، فقيل له ، إن البصرة وبية ، فقال : هي أوبأ أو ترك الخلافة !
ولست خلون من المحرم دخل بغداد أكثر من مائتي سفينة فيها صنوف التجارات وغنم كثير .
[ ص: 234 ] وفيها سير المستعين إلى واسط ، واستوزر المعتز أحمد بن أبي إسرائيل ، وخلع عليه ، ورجع أبو أحمد إلى سامرا لاثنتي عشرة خلت من المحرم ، فقال بعض الشعراء في خلع المستعين :
خلع الخليفة أحمد بن محمد وسيقتل التالي له أو يخلع ويزول ملك بني أبيه ولا يرى
أحد تملك منهم يستمتع إيها بني العباس إن سبيلكم
في قتل أعبدكم سبيل مهيع رقعتم دنياكم فتمزقت
بكم الحياة تمزقا لا يرقع
وفيها لسبع بقين من المحرم انصرف أبو الساج ديوداد بن ديودست إلى بغداد ، فقلده محمد بن عبد الله معاون ما سقى الفرات من السواد ، فسير نوابه إليها لطرد الأتراك والمغاربة عنها ، ثم سار أبو الساج إلى الكوفة .