[ ص: 126 ] 590
ثم دخلت سنة تسعين وخمسمائة
ذكر شهاب الدين وملك بنارس الهندي الحرب بين
كان شهاب الدين الغوري ، ملك غزنة ، قد جهز مملوكه قطب الدين أيبك ، وسيره إلى بلد الهند للغزاة ، فدخلها فقتل فيها وسبى ونهب وعاد .
فلما سمع به ملك بنارس ، وهو أكبر ملك في الهند ، وولايته من حد الصين إلى بلاد ملاوا طولا ، ومن البحر إلى مسيرة عشرة أيام من لهاوور عرضا ، وهو ملك عظيم فعندها جمع جيوشه ، وحشرها ، وسار يطلب بلاد الإسلام .
ودخلت سنة تسعين [ وخمسمائة ] ، فسار شهاب الدين الغوري ، من غزنة بعساكره نحوه ، فالتقى العسكران على ماجون ، وهو نهر كبير يقارب دجلة بالموصل ، وكان مع الهندي سبعمائة فيل ، ومن العسكر على ما قيل ألف ألف رجل ، ومن جملة عسكره عدة أمراء مسلمين ، وكانوا في تلك البلاد أبا عن جد ، من أيام ، يلازمون شريعة الإسلام ، ويواظبون على الصلوات ، وأفعال الخير . فلما التقى المسلمون والهنود اقتتلوا ، فصبر الكفار لكثرتهم ، وصبر المسلمون لشجاعتهم ، فانهزم الكفار ، ونصر المسلمون ، وكثر القتل في الهنود ، حتى امتلأت الأرض وجافت . السلطان محمود بن سبكتكين
وكانوا لا يأخذون إلا الصبيان والجواري وأما الرجال فيقتلون ، وأخذ منهم تسعون فيلا ، وباقي الفيلة قتل بعضها ، وانهزم بعضها ، وقتل ملك الهند ، ولم يعرفه أحد إلا أنه كانت أسنانه قد ضعفت أصولها ، فأمسكوها بشريط الذهب فبذلك عرفوه .
[ ص: 127 ] فلما انهزم الهنود دخل شهاب الدين بلاد بنارس ، وحمل من خزائنها على ألف وأربعمائة جمل ، وعاد إلى غزنة ، ومعه الفيلة التي أخذها ومن جملتها فيل أبيض .
حدثني من رآه : لما أخذت الفيلة ، وقدمت إلى شهاب الدين ، وأمرت بالخدمة ، فخدمت جميعها إلا الأبيض فإنه لم يخدم ، ولا يعجب أحد من قولنا الفيلة تخدم فإنها تفهم ما يقال لها ، ولقد شاهدت فيلا بالموصل وفياله يحدثه ، فيفعل ما يقول له .