[ ص: 467 ] 385
ثم دخلت سنة خمس وثمانين وثلاثمائة
ذكر أبي علي إلى خراسان . عود
لما عاد الأمير نوح إلى بخارى ، وسبكتكين إلى هراة ، وبقي محمود بنيسابور ، طمع أبو علي وفائق في خراسان ، فسارا عن جرجان إلى نيسابور في ربيع الأول ، فلما بلغ محمودا خبرهما كتب إلى أبيه بذلك ، وبرز هو فنزل بظاهر نيسابور وأقام ينتظر المدد ، فأعجلاه فصبر لهما فقاتلاه ، وكان في قلة من الرجال فانهزم عنهما نحو أبيه ، وغنم أصحابهما منه شيئا كثيرا ، وأشار أصحاب أبي علي عليه باتباعه وإعجاله ووالده عن الجمع والاحتشاد فلم يفعل ، وأقام بنيسابور وكاتب الأمير نوحا يستميله ويستقيل من عثرته وزلته ، وكذلك كاتب سبكتكين بمثل ذلك ، وأحال بما جرى على فائق فلم يجيباه إلى ما أراد .
وجمع سبكتكين العساكر فأتوه على كل صعب وذلول وسار نحو أبي علي فالتقوا بطوس في جمادى الآخرة فاقتتلوا عامة يومهم ، وأتاهم في عسكر ضخم من ورائهم ، فانهزموا وقتل من أصحابهم خلق كثير ، ونجا محمود بن سبكتكين أبو علي وفائق فقصدا أبيورد ، فتبعهم سبكتكين واستخلف ابنه محمودا بنيسابور ، فقصدا مرو ثم آمل الشط ، وراسلا الأمير نوحا يستعطفانه ، فأجاب أبا علي إلى ما طلب من قبول عذره إن فارقا فائقا ونزلا بالجرجانية ففعل ذلك ، فحذره فائق ، وخوفه من مكيدتهم به ومكرهم فلم يلتفت لأمر يريده الله ، عز وجل ، ففارق فائقا [ ص: 468 ] وسار نحو الجرجانية ونزل بقرية بقرب خوارزم تسمى هزار أسب ، فأرسل إليه أبو عبد الله خوارزمشاه من أقام له ضيافة ، ووعده أن يقصده ليجتمع به ، فسكن إلى ذلك ، فلما كان الليل أرسل إليه خوارزمشاه جمعا من عسكره فأحاطوا به وأخذوه أسيرا في رمضان من هذه السنة ، فاعتقله في بعض دوره ، وطلب أصحابه فأسر أعيانهم وتفرق الباقون .
وأما فائق فإنه سار إلى أيلك خان بما وراء النهر فأكرمه وعظمه ووعده أن يعيده إلى قاعدته ، وكتب إلى نوح يشفع في فائق ، وأن يولى سمرقند فأجابه إلى ذلك وأقام بها .