[ ص: 24 ] 222
ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين ومائتين
ذكر بابك أيضا محاربة
في هذه السنة وجه المعتصم إلى الأفشين جعفرا الخياط مددا له ، ووجه إليه إيتاخ ومعه ثلاثون ألف ألف درهم للجند وللنفقات ، فأوصل ذلك إلى الأفشين وعاد .
وفيها كانت وقعة بين أصحاب الأفشين وقائد لبابك اسمه آذين ، وكان سببها أن الشتاء لما انقضى سنة إحدى وعشرين ومائتين ، وجاء الربيع ، ودخلت سنة اثنتين وعشرين ، رحل الأفشين عند إمكان الزمان ، فصار إلى موضع يقال له كلان روذ ، وتفسيره نهر كبير ، فاحتفر عنده خندقا ، وكتب إلى أبي سعيد ليرحل من برزند إلى طرف رستاق كلان روذ ، وبينهما قدر ثلاثة أميال ، فأقام الأفشين بكلان روذ خمسة أيام ، فأتاه من أخبره أن قائدا لبابك اسمه آذين قد عسكر بإزائه ، وأنه قد صير عياله في خيل ، ( فقال له ) بابك : ليجعلهم في الحصن ، فقال : لا أتحصن من اليهود ، يعني المسلمين ، والله لا أدخلنهم حصنا أبدا .
فوجه الأفشين ظفر بن العلاء السعدي في جماعة الفرسان والرجالة ، فساروا ليلتهم فوصلوا إلى مضيق لا يسلكه إلا الواحد بعد الواحد ، وأكثر الناس قادوا دوابهم ، وتسلقوا في الجبل ، وأخذوا عيال آذين وبعض ولده .
وبلغ الخبر آذين ، وكان الأفشين قد خاف أن يؤخذ عليهم الطريق ، فأمرهم أن يجعلوا على رأس كل جبل رجالا معهم الأعلام السود ، فإن رأوا شيئا يخافونه حركوا الأعلام ، ففعلوا ذلك ، فلما أخذوا عيال آذين ورجعوا إلى بعض الطريق قبل المضيق ، أتاهم آذين في أصحابه ، فحاربوهم فقتل منهم قتلى ، واستنقذوا بعض النساء ، فنظر الرجال المرتبون برؤوس الجبال ، فحركوا الأعلام ، وكان آذين قد أنفذ من يمسك [ ص: 25 ] عليهم المضيق ، فلما رأى الأفشين تحريك العلم الذي بإزائه سير جماعة من الجند مع مظفر بن كيذر ، فأسرع نحوهم ، ووجه أبا سعيد بعدهم وبخاراخذاه ، فلما نظر إليهم رجالة آذين الذين على المضيق تركوه ، وقصدوا أصحابهم ، فنجا ظفر بن العلاء ومن معه ، ومعهم بعض عيال آذين .