[ ص: 406 ]
490
ثم دخلت سنة تسعين وأربعمائة
ذكر أرسلان أرغون قتل
في هذه السنة ، في المحرم ، قتل أرسلان ( أرغون بن ألب ، أخو السلطان ملكشاه ، بمرو ، وكان قد ملك خراسان ) .
وسبب قتله أنه كان شديدا على غلمانه ، كثير الإهانة لهم والعقوبة ، وكانوا يخافونه خوفا عظيما ، فاتفق أنه الآن طلب غلاما له ، فدخل عليه وليس معه أحد ، فأنكر عليه تأخره عن الخدمة ، فاعتذر ، فلم يقبل عذره ، وضربه ، فأخرج الغلام سكينا معه ، وقتله ، وأخذ الغلام ، فقيل له : لم فعلت هذا ؟ فقال : لأريح الناس من ظلمه .
وكان سبب ملكه خراسان أنه كان له ، أيام أخيه ملكشاه ، من الإقطاع ما مقداره سبعة آلاف دينار ، وكان معه ببغداذ لما مات ، فسار إلى همذان في سبعة غلمان ، واتصل به جماعة ، فسار إلى نيسابور ، فلم يجد فيها مطعما ، فتمم إلى مرو ، وكان شحنة مرو أمير اسمه قودن من مماليك ملكشاه ، وهو الذي كان سبب تنكر السلطان ملكشاه على نظام الملك ، وقد تقدم ذلك في قتل نظام الملك ، فمال إلى أرسلان أرغون ، وسلم البلد إليه ، فأقبلت العساكر إليه ، وقصد بلخ ، وبها فخر الملك بن نظام الملك ، فسار عنها ، ووزر ، على ما ذكرناه . لتاج الدولة تتش
وملك أرسلان أرغون بلخ ، وترمذ ، ونيسابور ، وعامة خراسان ، وأرسل إلى [ ص: 407 ] السلطان بركيارق وإلى وزيره مؤيد الملك بن نظام الملك يطلب أن يقر عليه خراسان . كما كانت لجده داود ، ما عدا نيسابور ، ويبذل الأموال ولا ينازع في السلطنة ، فسكت عنه بركيارق لاشتغاله بأخيه محمود وعمه تتش ، فلما عزل السلطان بركيارق مؤيد الملك عن وزارته ، ووليها أخوه فخر الملك ، واستولى على الأمور مجد الملك البلاساني ، قطع أرسلان أرغون مراسلة بركيارق ، وقال : لا أرضى لنفسي مخاطبة البلاساني ، فندب بركيارق حينئذ عمه بوربرس بن ألب أرسلان ، وسيره في العساكر لقتاله .
وكان قد اتصل بأرسلان عماد الملك أبو القاسم بن نظام الملك ، ووزر له ، فلما وصلت العساكر إلى خراسان لقيهم أرسلان أرغون ، وقاتلهم ، وانهزم منهم ، وسار منهزما إلى بلخ ، وأقام بوربرس والعساكر التي معه بهراة .
ثم جمع أرغون عساكر جمة وسار إلى مرو ، فحصرها أياما ، وفتحها عنوة ، وقتل فيها وأكثر ، وقلع أبواب سورها وهدمه ، فسار إليه بوربرس من هراة فالتقيا وتصافا ، فانهزم بوربرس سنة ثمان وثمانين [ وأربعمائة ] .
وسبب هزيمته أنه كان معه من جملة العساكر التي سيرها معه بركيارق أمير آخر ملكشاه ، وهو من أكابر الأمراء ، والأمير مسعود بن تاجر ، وكان أبوه مقدم عسكر داود ، جد ملكشاه ، ولمسعود منزلة كبيرة ، ومحل عظيم ، عند الناس كافة ، وكان بين أمير آخر وبين أرسلان مودة قديمة ، فأرسل إليه أرسلان أرغون يستميله ، ويدعوه إلى طاعته ، فأجابه إلى ذلك .
ثم إن مسعود بن تاجر قصد أمير آخر زائرا له ، ومعه ولده ، فأخذهما وقتلهما ، فضعف أمر بوربرس ، وانهزم من أرسلان أرغون ، وتفرق عسكره ، وأسر ، وحمل إلى أرسلان أرغون ، وهو أخوه ، فحبسه بترمذ ، ثم أمر به فخنق بعد سنة من حبسه ، وقتل [ ص: 408 ] أكابر عسكر خراسان ممن كان يخافه ، ويخشى تحكمه عليه ، وصادر وزيره عماد الملك بثلاثمائة ألف دينار ، وقتله ، وخرب أسوار مدن خراسان ، ومنها : سور سبزوار ، وسور مرو الشاهجان ، وقلعة سرخس ، وقهندز نيسابور ، وسور شهرستان ، وغير ذلك ، خربه جميعه سنة تسع وثمانين [ وأربعمائة ] ، ثم إنه قتل هذه السنة كما ذكرنا .