[ ص: 227 ] 349
ثم دخلت سنة تسع وأربعين وثلاثمائة
ذكر المستجير بالله ظهور
في هذه السنة ظهر بأذربيجان رجل من أولاد عيسى بن المكتفي بالله ، وتلقب بالمستجير بالله ، وبايع للرضا من آل محمد ، ولبس الصوف وأظهر العدل ، وأمر بالمعروف ، ونهى عن المنكر ، وكثر أتباعه .
وكان السبب في ظهوره أن جستان بن المرزبان صاحب أذربيجان ، ترك سيرة والده في سياسة الجيش ، واشتغل باللعب ، ومشاورة النساء ، وكان جستان بن شرمزن بأرمية ( متحصنا بها ) ، وكان وهسوذان بالطرم يضرب بين أولاد أخيه ليختلفوا .
ثم إن جستان بن المرزبان قبض على وزيره النعيمي ، وكان بينه وبين وزير جستان بن شرمزن مصاهرة ، وهو أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن حمدويه ، فاستوحش أبو الحسن لقبض النعيمي ، فحمل صاحبه ابن شرمزن على مكاتبة إبراهيم بن المرزبان ، وكان بأرمينية ، فكاتبه وأطمعه في الملك ، فسار إليه فقصدوا مراغة واستولوا عليها ، فلما علم جستان بن المرزبان بذلك ، راسل ابن شرمزن ووزيره أبا الحسن ، فأصلحهما ، وضمن لهما إطلاق النعيمي ، فعاد عن نصرة إبراهيم ، وظهر له ولأخيه نفاق ابن شرمزن ، فتراسلا واتفقا عليه .
ثم إن النعيمي هرب من حبس جستان بن المرزبان ، وسار إلى موقان ، وكاتب ابن عيسى بن المكتفي بالله ، وأطمعه في الخلافة ، وأن يجمع له الرجال ، ويملك له أذربيجان ، فإذا قوي قصد العراق ، فسار إليه في نحو ثلاثمائة رجل ، وأتاه جستان بن [ ص: 228 ] شرمزن فقوي به ، وبايعه الناس ، واستفحل أمره ، فسار إليهم جستان وإبراهيم ابنا المرزبان قاصدين قتالهم ، فلما التقوا ، انهزم أصحاب المستجير ، وأخذ أسيرا فعدم ، فقيل : إنه قتل ، وقيل : بل مات .