ذكر تبييض أهل الجزيرة وخلعهم
وفي هذه السنة بيض أهل الجزيرة وخلعوا ، وساروا إلى أبا العباس السفاح حران وبها موسى بن كعب في ثلاثة آلاف من جند ، فحاصروه بها ، وليس على أهل الجزيرة رأس يجمعهم ، فقدم عليهم السفاح إسحاق بن مسلم العقيلي من إرمينية ، وكان سار عنها حين بلغه هزيمة مروان ، فاجتمع عليه أهل الجزيرة ، وحاصر موسى بن كعب نحوا من الشهرين .
ووجه أخاه أبو العباس السفاح أبا جعفر فيمن كان معه من الجنود بواسط محاصرين ابن هبيرة ، فسار فاجتاز بقرقيسيا والرقة ، وأهلهما قد تبيضوا ، وسار نحو حران ، فرحل إسحاق بن مسلم إلى الرهاء ، وذلك سنة ثلاث وثلاثين ومائة ، وخرج موسى بن كعب من حران فلقي أبا جعفر .
ووجه إسحاق بن مسلم أخاه بكار بن مسلم إلى ربيعة بدارا وماردين ، ورئيس ربيعة يومئذ رجل من الحرورية يقال له بريكة ، فعمد إليهم أبو جعفر فلقيهم ، فقاتلوه قتالا شديدا ، وقتل بريكة في المعركة ، وانصرف بكار إلى أخيه إسحاق بالرهاء ، فخلفه إسحاق بها وسار إلى سميساط في عظم عسكره ، وأقبل أبو جعفر إلى الرهاء ، وكان بينهم وبين بكار وقعات .
وكتب إلى السفاح يأمره أن يسير في جنوده إلى عبد الله بن علي سميساط ، فسار حتى نزل بإزاء إسحاق بسميساط ، وإسحاق في ستين ألفا وبينهم الفرات ، وأقبل أبو جعفر من الرهاء ، وحاصر إسحاق بسميساط سبعة أشهر ، وكان إسحاق يقول : في عنقي بيعة ، فأنا لا أدعها حتى أعلم أن صاحبها مات أو قتل .
فأرسل إليه أبو جعفر : إن مروان قد قتل . فقال : حتى أتيقن . فلما تيقن قتله طلب الصلح والأمان ، فكتبوا إلى بذلك وأمرهم أن يؤمنوه ومن معه ، فكتبوا بينهم كتابا [ ص: 28 ] بذلك ، وخرج السفاح إسحاق إلى أبي جعفر ، وكان عنده من آثر صحابته ، واستقام أهل الجزيرة والشام .
وولى أبو العباس أخاه أبا جعفر الجزيرة وإرمينية وأذربيجان ، فلم يزل عليها حتى استخلف .
وقد قيل : إن عبيد الله بن علي هو الذي آمن إسحاق بن مسلم .