ذكر أحمد بن إسماعيل الساماني خلاف سجستان وعودها إلى طاعة
وفي هذه السنة أنفذ الأمير أبو نصر أحمد بن إسماعيل الساماني عسكرا إلى سجستان ليفتحها ثانيا ، وكانت قد عصت عليه ، وخاف من بها .
وسبب ذلك أن محمد بن هرمز ، المعروف بالمولى الصندلي ، كان خارجي المذهب ، وكان قد أقام ببخارى وهو من أهل سجستان ، وكان شيخا كبيرا ، فجاء يوما إلى الحسين بن علي بن محمد العارض يطلب رزقه ، فقال له : إن الأصلح لمثلك من الشيوخ أن يلزم رباطا يعبد الله فيه ، حتى يوافيه أجله ، فغاظه ذلك ، فانصرف إلى سجستان والوالي عليها منصور بن إسحاق ، فاستمال جماعة من الخوارج ، ودعا إلى الصفار ، وبايع في السر لعمرو بن يعقوب بن محمد بن عمرو بن الليث ، وكان رئيسهم محمد بن العباس ، المعروف بابن الحفار ، وكان شديد القوة ، فخرجوا ، وقبضوا على منصور بن إسحاق أميرهم وحبسوه في ( سجن أرك ) وخطبوا لعمرو بن يعقوب ، وسلموا إليه سجستان .
فلما بلغ الخبر إلى الأمير أحمد بن إسماعيل سير الجيوش مع الحسين بن علي ، مرة ثانية إلى زرنج ، في سنة ثلاثمائة ، فحصرها تسعة أشهر ، فصعد يوما محمد بن [ ص: 619 ] هرمز الصندلي إلى السور ، وقال : ما حاجتكم إلى أذى شيخ لا يصلح إلا للزوم رباط ؟ يذكرهم بما قاله العارض ببخارى ، واتفق أن الصندلي مات ، فاستأمن عمرو بن يعقوب الصفار ، وابن الحفار إلى الحسين بن علي ، وأطلقوا عن منصور بن إسحاق ، وكان الحسين بن علي يكرم ابن الحفار ويقربه ، فواطأ ابن الحفار جماعة على الفتك بالحسين ، فعلم الحسين ذلك ، وكان ابن الحفار يدخل على الحسين ، لا يحجب عنه ، فدخل إليه يوما وهو مشتمل على سيف ، فأمر الحسين بالقبض عليه ، وأخذه معه إلى بخارى .
ولما انتهى خبر فتح سجستان إلى الأمير أحمد استعمل عليها سيمجور الدواتي ، وأمر الحسين بالرجوع إليه ، فرجع ومعه عمرو بن يعقوب وابن الحفار وغيرهما
وكان عوده في ذي الحجة سنة ثلاثمائة ، واستعمل الأمير أحمد منصورا ابن عمه إسحاق على نيسابور وأنفذه إليها ، وتوفي ابن الحفار .