والمقصود هنا: أن أبا عبد الله الرازي في أكثر كتبه، لم يبن على الطريقة المعروفة مسألة القرآن وهو أنه يمتنع أن يحدث في نفسه كلام، لكونه ليس محلا للحوادث، وذلك لأنه قد ضعف هذا الأصل، فلم يمكنه أن يبني عليه، بل أثبت ذلك بإجماع مركب، فقرر بأن الكلام له معنى غير العلم والإرادة، خلافا للمعتزلة ونحوهم. للأشعري،
وإذا كان كذلك فكل من قال بذلك قال: إنه معنى واحد قديم قائم بذات الله تعالى، فلو لم يقل بذلك لكان خلاف الإجماع. فهذا هو العمدة التي اعتمد عليها في " نهاية العقول " وهو ضعيف، فإن الأقوال في المسألة متعددة غير قول المعتزلة والكلابية.
وكان من الممكن أن يقال له: إن ثبت أنه لا يقوم بالله ما يتعلق بمشيئته وقدرته أمكن أن يجعل كلام الله قديما بالطريقة المعروفة، فإنه يمتنع أن يحدثه قائما في نفسه أو في محل آخر، فإذا امتنع حدوثه في نفسه تعين قدمه.
وإن لم يثبت ذلك، بل أمكن أن يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته أمكن هنا قول الكرامية وقول أهل الحديث الذين يقولون: إنه قول السلف والأئمة، فلم يتعين قول الكلابية، فذكر في نهاية العقول ما جرت عادته وعادة غيره بذكره، وهو أن معنى الكلام: إما أن يكون هو الإرادة والعلم، وإما أن يكون الطلب مغايرا للإرادة، والحكم الذهني مغايرا للعلم. والأول باطل ؛ لأن [ ص: 325 ] الإنسان في الشاهد قد يخبر بما يعلمه ولا يعتقده، وقد يأمر بأمر لا يريده، كالسيد إذا كان قصده امتحان العبد.
قال: "وإذا ثبت ذلك في الشاهد ثبت في الغائب، لانعقاد الإجماع على أن ماهية الخبر لا تختلف في الشاهد والغائب".