قلت: جعل الطريقة الصحيحة في إثبات الصانع الاستدلال بالحدوث على المحدث، وقال: إنا نعلم بالضرورة أن الحادث لا يوجد نفسه فافتقر إلى صانع، أبو حامد وهذا موافق لما ذكره حذاق أهل النظر، بخلاف من ذهب إليه من ذهب من المعتزلة ومن وافقهم. كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي وغيرهما، ممن جعل هذه المقدمة نظرية. [ ص: 156 ]
وأخذ يطعن على طريقة أبو حامد وأمثاله في إثبات واجب الوجود بوجهين. ابن سينا
أحدهما: أن غاية هذه الطريقة إثبات موجود واجب، ولكن لا يمكن نفي كونه جسما من الأجسام إلا بطريقهم في التوحيد الذي مضمونه نفي الصفات، وتلك مبناها على نفس التركيب، وقد بين فساد كلامهم في هذا. أبو حامد
وهذا الوجه الذي ذكره أحسن فيه، وكنت قد كتبت على توحيد الفلاسفة ونفيهم الصفات كلاما بينت فيه فساد كلامهم في طريقة التركيب، قبل أن أقف على كلام أبو حامد ثم رأيت أبي حامد، أبا حامد قد تكلم بما يوافق ذلك الذي كتبته.
ومن هنا يعلم أن لا يمكنه بهذه الطريقة إفساد مذهب ابن سينا الفلاسفة الطبيعيين الذين يقولون بأن الفلك واجب الوجود بنفسه، وإن كان يمكن إفساد قولهم بطرق أخرى.
ولهذا ظن كثير من المتأخرين أن موافق ابن سينا للدهرية [ ص: 157 ] المحضة، الذين يقولون: إن العالم واجب الوجود بذاته، وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى.