«نور الأنوار والأنوار القاهرة» يعني: واجب [ ص: 229 ] الوجود والعقول: لا يحصل منهم شيء بعد أن لم يحصل، إلا على ما سنذكره، فإن كل ما لا يتوقف على غير شيء، إذا وجد ذلك الشيء، وجب أن يوجد، وإلا هو مما لا يتصور وجوده أو توقف على غيره، فما كان هو الذي يتوقف عليه، وقد فرض أن التوقف عليه، وهو محال. السهروردي: وكل ما سوى نور الأنوار لما كان منه، فلا يتوقف على غيره، كما يتوقف شيء من أفعالنا على وقت، أو زوال مانع، أو وجود شرط، فإن لهذه مدخلا في أفعالنا، ولا وقت مع نور الأنوار متقدم على جميع ما عدا نور الأنوار، فإن نفس الوقت أيضا من الأشياء التي هي غير نور الأنوار، فلما كان نور الأنوار، وجميع ما يفرضه الصفاتية صفة دائمة، فيدوم بدوامه ما فيه، لعدم توقفه على أمر منتظر، ولا يمكن في العدم البحت قرض تجدد، مع أن كل ما تجدد يعود الكلام إليه. فقال
فنور الأنوار والأنوار القاهرة: ظلالها وأضواؤها المجردة دائمة، وقد علمت أن الشعاع المحسوس هو من النير، لا النير من الشعاع، وكلما يدوم النير الأعظم يدوم الشعاع، مع أنه منه. [ ص: 230 ]
ثم قال: (كل هيئة) أي: عرض لا يتصور ثباتها هي الحركة، وكل ما لم يكن زمانا ثم حصل فهو حادث، وكل حادث إذا حدث شيء مما يتوقف عليه هو حادث؛ إذ لا يقتضي الحادث وجود نفسه؛ إذ لا بد من مرجح في جميع الممكنات، ثم مرجحه، إن دام مع جميع ما له مدخل في الترجيح، لدام الشيء، فلم يكن حادثا، ولما كان حادثا، فشيء مما يتوقف عليه هذا الحادث حادث.
ويعود الكلام إلى ذلك الشيء، فلا بد من التسلسل، والسلسلة الغير المتناهية مجتمعة وجودها محال، فلا بد من سلسلة غير متناهية لا تجمع آحادها ولا تنقطع، وإلا يعود الكلام إلى أول حادث بعد الانقطاع، فينبغي أن يكون في الوجود حادث متجدد لا ينقطع، وما يجب فيه لماهيته التجدد إنما هو الحركة.
وذكر تمام الكلام في وجوب استمرار حركة دائمة، وأنها حركة الأفلاك.