قلت: وإنما يصفه بالاجتماع والافتراق من يقول: بأنه مركب من الأجزاء المفردة. فيقول: تلك الأجزاء إما مجتمعة وإما مفترقة، وهذا ليس معلوما بالبديهة ولا الحس، ولا يسلمه جمهور الناس. [ ص: 334 ] أما الاجتماع والافتراق: فإذا قدر وجود جسمين فلا بد من أن يجتمعا أو يفترقا. وأما الجسم الواحد الذي ليس معه غيره، فلا يوصف بمجامعة غيره ولا مفارقته.
وأما الحياة والموت: فقد ينازعه من ينازعه من النظار في ذلك. فإن نظار المسلمين وغيرهم متنازعون في الموت: هل هو وجودي أو عدمي؟. ثم من قال: إنه عدمي، يقول كثير منهم: إن هذين متقابلان، تقابل العدم والملكة. وما لا يقبل الحياة والموت، كالجماد، لا يوصف بواحد منهما.
لكن القاضي وجمهور الناس، يردون على هؤلاء: بأن هذا اصطلاح منكم لا يلزمنا. ويقولون: إنا نفسر الموت بما يكون النزاع معه لفظيا.
ويقول القاضي وأكثر الناس: إن كل جسم فإنه يقبل الحياة.
لكن الذي يقال له: الجسم، لا يخلو من أن يكون حيا أو ميتا، كما لا يخلو من أن يكون متحركا أو ساكنا، واتصافه بالحياة يستلزم إمكان اتصافه بالموت. فإن القديم سبحانه موصوف بالحياة والعلم والقدرة، ولا يمكن اتصافه بضد ذلك.
وحينئذ: فلا يمكن أن يقال: إن كل جسم يقبل الحياة والموت إلا بدليل يدل على ذلك. والحياة يجب أن تكون حادثة لا نوعا ولا شخصا، كما قد يقال مثل ذلك في الحركة.