قال في المقالات: (ذكر قول الأشعري الحسين بن محمد النجار: كان هو وأصحابه وإنه لا يكون في ملك الله إلا ما يريده، وأن الله لم يزل مريدا أن يكون في وقته ما علم أنه يكون في وقته، مريدا أن لا يكون ما علم أنه لا يكون، وأن الاستطاعة لا يجوز أن تتقدم الفعل، وأن العون من الله يحدث في حال الفعل مع الفعل وهو الاستطاعة، فإن الاستطاعة الواحدة لا يفعل بها فعلان، وأن لكل فعل استطاعة تحدث معه إذا حدث، وأن الاستطاعة لا تبقى، وأن في وجودها وجود الفعل، وفي عدمها عدم الفعل) . يقولون: إن أعمال العباد مخلوقة لله تعالى وهم فاعلون لها،
وذكر سائر قوله في القدر من جنس قول وأصحابه [ ص: 277 ] (وأن الإنسان لا يفعل في غيره، وأنه لا يفعل الأفعال إلا في نفسه، كنحو الحركات والسكون، والإرادات والعلوم، والكفر والإيمان، وإن الإنسان لا يفعل ألما ولا إدراكا ولا رؤية، ولا يفعل شيئا على طريق التولد) . الأشعري
قال: (وكان برغوث يميل إلى قوله) . قال: (وكان يزعم أن الله لم يزل جوادا بنفي البخل عنه، ولم يزل متكلما بمعنى أنه لم يزل غير عاجز عن الكلام، وأنه كلام الله محدث مخلوق، وكان يقول في التوحيد بقول المعتزلة، إلا في باب الإرادة والجود، وكان يخالفهم في القدر ويقول بالإرجاء. وكان يزعم أنه جائز أن يحول الله العين إلى القلب، ويجعل في العين قوة القلب، فيرى الله الإنسان بعينه: أي يعلمه بها، وكان بالأبصار على غير هذا الوجه) . [ ص: 278 ] ينكر الرؤية لله
قلت: فقول ضرار والنجار وأتباعهما كبرغوث وحفص، وقول ونحوه من أهل الكلام الذين ذمهم بشر المريسي الشافعي وغيرهما من الأئمة، ليس فيه إنكار للقدر، بل فيه إثبات له، وإنما ذموهم لما في قولهم من نفي ما وصف الله به نفسه، مع أن قول وأحمد النجار خير من قول وضرار المعتزلة، وقولهما في الرؤية يشبه قول من ينفي العلو ويثبت الرؤية من الأشعرية ونحوهم، وأصل كلامهم الذي بنوا عليه نفي ذلك ما تقدم من الأصول الثلاثة، ليس لهم غيرها، وهي دليل الأعراض، والتركيب، والاختصاص.