وقال أيضا في كتابه المسمى بالإبانة في مسألة القرآن: لما قيل له "إن القراءة عمل، والعمل لا يكون صفة لله، والدليل على أنها عمل أنك تقول: قرأ فلان يقرأ، وما حسن فيه ذكر المستقبل فهو عند العرب عمل". [ ص: 87 ] أبو نصر السجزي
فقال: "هذا لا يلزم، لأنك تقول: "قال الله عز وجل" و "يقول الله عز وجل" والله تعالى قال: وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة [ سورة البقرة: 35] وقال تعالى: يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد [ سورة ق: 30] فقد حسن في القول ذكر المستقبل.
فإن ارتكبوا العظمى، وقالوا: كلام الله شيء واحد على أصلنا لا يتجزأ، وليس بلغة، والله سبحانه من الأزل إلى الأبد متكلم بكلام واحد لا أول له ولا آخر، فقال: ويقول إنما يرجع إلى العبارة لا إلى المعبر عنه.
قيل لهم: قد بينا مرارا كثيرة أن قولكم في هذا الباب فاسد، وأنه مخالف للعقليين والشرعيين جميعا، وأن نص الكتاب والثابت من الأثر قد نطقا بفساده، قال الله تعالى: إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون [ سورة النحل: 40]، فبين الله سبحانه أنه يقول للشيء كن إذا أراد كونه، فعلم بذلك أنه لم يقل للقيامة بعد كوني".
وقال أيضا في موضع آخر: " " " ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم قال: نبدأ بما بدأ الله به" إن الصفا والمروة من شعائر الله [ ص: 88 ]
[ سورة البقرة: 158] والله تعالى قال: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون [ سورة آل عمران: 59]، وقال: إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون [ سورة يس: 82]، فبين جل جلاله أنه قال لآدم بعد أن خلقه من تراب: كن، وأنه إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون، ولم يقتض ذلك حدوثا ولا خلقا بعد حدوث نوع الكلام، لما قام من الدليل على انتفاء الخلق عن كلام الله تعالى".
وقال أيضا: "فأما أبو نصر السجزي لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، ليس بجسم، ولا في معنى جسم، ولا يوصف بأداة ولا جارحة وآلة، وكلامه [ ص: 89 ] أحسن الكلام، وفيه سور وآي وكلمات، وكل ذلك حروف، وهو مسموع منه على الحقيقة سماعا يعقله الخلق، ولا كيفية لتكلمه وتكليمه، وجائز وجود أعداد من المكلمين يكلمهم سبحانه في حال واحدة بما يريده من كل واحد منهم، من غير أن يشغله تكليم هذا عن تكليم هذا". الله تعالى فإنه متكلم فيما لم يزل، ولا يزال متكلما بما شاء من الكلام، يسمع من يشاء من خلقه ما شاء من كلامه إذا شاء ذلك، ويكلم من شاء تكليمه بما يعرفه ولا يجهله، وهو سبحانه حي عليم متكلم لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء،
قال: وقال: معناه تركه التوبيخ والتقرير والمحاسبة اليوم، وسيأتي يوم يقرر فيه ويحاسب ويوبخ، فذلك الترك بمعنى السكوت". "ومنع كثير من أهل العلم إطلاق السكوت عليه، ومن أهل الأثر من جوز إطلاق السكوت عليه لوروده في الحديث،