ثم إنهم بسبب ذلك تفرقوا في أصول دينهم كتفرقهم في كلام الله من القرآن وغيره، فإنهم تفرقوا فيه شيعا: وحقيقة قولهم: لم يتكلم الله به، كما كان قدماؤهم يقولون: لكن شيعة قالت: هو مخلوق، المعتزلة صاروا يطلقون اللفظ بأن الله متكلم حقيقة، وكان مرادهم مراد من قال: إن الله لم يتكلم ولا يتكلم، كما ذكره إنهم تارة ينفون الكلام، وتارة يقولون: يتكلم بكلام مخلوق، وهو معنى الأول. أحمد:
وهذا في الحقيقة تكذيب للرسل الذي إنما أخبروا الأمم بكلام الله الذي أنزله إليهم.
[ ص: 305 ] وجاءت الفلاسفة القائلون بقدم العالم فقالوا أيضا: متكلم، وكلامه ما يفيض من العقل الفعال على نفوس الأنبياء.
وهذا قول من وافقهم من القرامطة الباطنية ونحوهم ممن يتظاهر بالإسلام ويبطن مذهب الصابئة والمجوس ونحو ذلك. وهو قول طوائف من ملاحدة الصوفية كأصحاب وحدة الوجود ونحوهم الذين أخذوا دين الصابئة والفراعنة والدهرية فأخرجوه في قالب المكاشفات والولاية والتحقيق.
والذين قالوا ليس هو مخلوقا ظن فريق منهم أنه لا يقابل المخلوق إلا القديم اللازم للذات الذي ثبوته بدون مشيئة الرب وقدرته كثبوت الذات فقالوا ذلك.