قال أبو محمد: (فإن قالوا: فما كانت حاجة الناس إلى الآيات والمعجزات؟ وإلى احتجاج الله عليهم بالقرآن وإعجازه؟ وبدعاء اليهود إلى تمني الموت، ودعاء النصارى إلى المباهلة وشق القمر؟ قلنا [ ص: 438 ] وبالله التوفيق قد قلنا: إن الناس قسمان: قسم لم تسكن نفوسهم إلى الإسلام، ولا دخلها التصديق، فطلبوا منه عليه السلام البراهين، فأراهم المعجزات، فانقسموا قسمين: طائفة آمنت، وطائفة عندت وجاهرت فكفرت، وأهل هذه الصفة اليوم هم الذين يلزمهم طلب الاستدلال فرضا ولابد، وقسم وفقهم الله تعالى لتصديقه عليه السلام، وخلق في نفوسهم الإيمان، كما قال تعالى: بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين [سورة الحجرات: 17]، فهؤلاء آمنوا له عليه السلام بلا تكليف آية. وأهل هذه الصفة هم اليوم المعتقدون للإسلام حقا بلا معرفة باستدلال. قال أبو محمد ويلزم أهل هذه المقالة أن جميع أهل الأرض كفار إلا الأقل، وقد قال بعضهم: إنهم مستدلون. قال: وهذه مجاهرة هو يدري أنه فيها كاذب، وكل من سمعه يدري [ ص: 439 ] أنه فيها كاذب، لأن . أكثر العامة من حاضرة وبادية يدري ما معنى الاستدلال، فكيف يستعمله؟)