قال (وأما القاضي أبو بكر: أبي الحسن: إن الانقلاب والتغير والاعتمال والتأثير من سمات الحدث، وما لم يسبق المحدثات كان محدثا مثلها - ففيه وجهان من الكلام: قول
أحدهما: أن نقول: إن التغييرات من سمات الحدوث بدلالة أن التغير هو خروج الشيء من صفة إلى صفة - فلا يخلو إما أن يكون [ ص: 331 ] خروجا من صفة قدم إلى صفة قدم، أو من صفة حدث إلى صفة حدث، أو من صفة قدم إلى صفة حدث، أو من صفة حدث إلى صفة قدم.
والأول باطل لوجهين:
أحدهما: أن المنتقل انتقل إلى أمر مستأنف لم يكن عليه، وذلك لا يكون قديما.
الثاني: أن ذلك يقتضي عدم القديم كما تقدم، والقديم لا يجوز عدمه) .
قال: (ويستحيل أن يكون التغيير خروجا من حال حدث، لأن ذلك لا يثبت إلا بأحد وجهين:
إما بحدوث تغيير القديم، أو ببطلان معنى منه قد ثبت قدمه، ووجوب حدوث ما اكتسبه وصفا بعد أن لم يكن مستحقا له. وما قبل الحوادث لم يخل منها أو من أضدادها، وما لم يوجد قبل أول الحوادث ولم يعر منها كان محدثا مثلها) .
قال: (ولا خلاف بيننا وبينهم - يعني المعتزلة - في هذا القسم لنطنب فيه) . [ ص: 332 ]
وقال: (وأما الوجه الآخر: فهو أن نقول: إنما أراد بقوله: إنها من سمات الحدث ودلائله - إنها إذا ثبت حدوثها وأن الجسم لم يخل منها ولم يوجد قبل أولها: وجب له من الحدث ما وجب لها، إذ لا يخلو أن يكون وجد مع وجودها أو بعد وجودها، إذ قد فسد أن يكون موجودا قبلها. فإن كان وجد مع وجودها، وجب له من الحدث ما وجب لها، وإن كان وجد بعد وجودها، كان أولى بالحدوث، لأن ما وجد بعد المحدث كان أولى أن يكون محدثا) .