قال الرازي في شرح ذلك: (المسألة العاشرة في ثم ذكر كلام مذاهب أهل العلم في إمكان العالم وحدوثه) وقال في شرحه: (أقول: أهل العالم فريقان: منهم من أثبت أكثر من واجب [ ص: 259 ] وجود واحد، ومنهم من لم يقل إلا بالواجب الواحد. أما الفريق الأول فقد تحزبوا إلى ثلاث فرق: أحدها: الذين زعموا أن هذا العالم المحسوس واجب لذاته، على ما هو عليه من الشكل والمقدار والهيئة. قال الشيخ: لكنك إذا تذكرت ما قيل في شرط واجب الوجود لم تجد هذا المحسوس واجبا. ثم استدل ابن سينا، الرازي بما يدل على أن الأجسام ممكنة، وقد ذكرت هذه الأدلة وضعفها في غير هذا الموضع.
ولهذا قال الرازي لما ذكرها: هذا مجموع ما يدل على أن الأجسام ممكنة، وقد عرفت ما في كل واحد منها. المقالة الثانية: أن العالم له ذات وصفات، فأما الذات فهي للأجسام، وهي واجبة لذواتها. ومنهم من قال: الذات هي الهيولى التي هي محل الجسمية، وهي واجبة لذاتها. فأما الصفات وهي الشكل والمقدار والتحيز والحركة والسكون، فكل ذلك من الممكنات.
قال: وهذه المقالة أيضا باطلة بالأدلة المذكورة على فساد المقدمة الأولى. قال: والمقالة الثالثة: أن هذا العالم ممكن الوجود بذاته وصفاته، لكن واجب الوجود مع ذلك أكثر من واحد. ثم هؤلاء أيضا فرق: منهم من أثبت إلهين واجبين لذاتيهما، أحدهما خير، والآخر [ ص: 260 ] شرير. ومنهم من قال: خمسة أشياء واجبة لذواتها: الباري، والنفس، والهيولى، والدهر، والخلاء. قال: وفساد هذه الأقاويل وأشباهها إنما يظهر بالأدلة المذكورة على أن واجب الوجود يستحيل أن يكون أكثر من واحد.