وقال في كتاب " فهم القرآن " لما تكلم على ما يدخل في النسخ وما لا يدخل فيه النسخ، وما يظن أنه متعارض من الآيات، وذكر عن أهل السنة في الإرادة والسمع والبصر قولين في مثل قوله: الحارث بن أسد المحاسبي لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين [ سورة الفتح: 27] وقوله: وإذا أردنا أن نهلك قرية [ سورة الإسراء: 16] [ ص: 46 ] وقوله: إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون [ سورة يس: 82] وكذلك قوله: إنا معكم مستمعون [ سورة الشعراء: 15] وقوله: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون [ سورة التوبة: 105] ونحو ذلك، فقال: "قد وذكر أن هؤلاء وبعض أهل البدع تأولوا ذلك في الإرادة على الحوادث. ذهب قوم من أهل السنة إلى أن لله استماعا حادثا في ذاته،
قال: "فأما من ادعى السنة، فأراد إثبات القدر، فقال: إرادة الله تحدث إن حدثت من تقدير سابق الإرادة، وأما بعض أهل البدع فزعموا أن الإرادة إنما هي خلق حادث، وليست مخلوقة، ولكن بها كون الله المخلوقين".
قال: "وزعموا أن الخلق غير المخلوق، وأن الخلق هو الإرادة، وأنه ليست بصفة لله من نفسه". [ ص: 47 ]
قال: "ولذلك قال بعضهم: إن رؤيته تحدث".
واختار القول الآخر، وتأول المنصوص على أن الحادث هو وقت المراد لا نفس الإرادة، قال: وكذلك قوله: الحارث المحاسبي إنا معكم مستمعون وقوله: فسيرى الله عملكم تأوله على أن المراد حدوث المسموع والمبصر، كما تأول قوله تعالى: حتى نعلم [ سورة محمد: 31] حتى يكون المعلوم بغير حادث علم في الله، ولا بصر، ولا سمع، ولا معنى حدث في ذات الله، تعالى عن الحوادث في نفسه".