وظن أنه قول السلف، فقال في " نهاية الإقدام " - بعد أن ذكر قول الفلاسفة، والشهرستاني - لما كان أعلم بالمقالات من إخوانه - ذكر في مسألة الكلام قولا سادسا، والمعتزلة، والأشعرية، والكرامية، وأن المعتزلة لما قالت: "أجمع المسلمون قبل ظهور هذا الخلاف على أن القرآن كلام الله، واتفقوا على أنه سور وآيات وحروف منظومة وكلمات مجموعة، وهي مقروءة مسموعة على التحقيق، لها [ ص: 316 ] مفتتح ومختتم، وأنه معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم دالة على صدقه، وأن الأشعرية تفرق بين اللفظ والمعنى، وتثبت معنى هو مدلول اللفظ" - ثم قال: "قال السلف والحنابلة: قد تقرر الاتفاق على أن ولما تقرر الاتفاق على أن كلام الله غير مخلوق فيجب أن تكون تلك الكلمات أزلية غير مخلوقة. ما بين الدفتين كلام الله، وأن ما نقرؤه ونكتبه ونسمعه عين كلام الله، فيجب أن تكون تلك الكلمات والحروف هي بعينها كلام الله،
ولقد كان الأمر في أول الزمان على قولين: أحدهما القدم، والثاني الحدوث، والقولان مقصوران على الكلمات المكتوبة والآيات المقروءة بالألسن، فصار الآن قول ثالث، وهو حدوث الحروف والكلمات وقدم الكلام والأمر الذي تدل عليه العبارات، وقد حتم قدحا ليس منها وهو خلاف القولين. فكانت السلف على إثبات القدم والأزلية لهذه [ ص: 317 ] الكلمات، دون التعرض لمعنى وراءها، فأبدع قولا، وقضى بحدوث الحروف وهو خرق الإجماع، وحكم بأن ما نقرأه كلام الله مجازا لا حقيقة، وهو عين الابتداع، فهلا قال: ورد السمع بأن ما نقرأه ونكتبه كلام الله، دون أن يتعرض لكيفيته وحقيقته؟ كما ورد السمع بإثبات كثير من الصفات من الوجه واليدين، إلى غير ذلك من الصفات الخبرية". الأشعري