وأما فإن مسألة قيام الأفعال الاختيارية به: ابن كلاب وغيرهما ينفونها، وعلى ذلك بنوا قولهم في مسألة القرآن، وبسبب ذلك وغيره تكلم الناس فيهم في هذا الباب بما هو معروف في كتب أهل العلم، ونسبوهم إلى البدعة وبقايا بعض الاعتزال فيهم، وشاع النزاع في ذلك بين عامة المنتسبين إلى السنة من أصحاب والأشعري وغيرهم. أحمد
وقد ذكر أبو بكر عبد العزيز في كتاب عن أصحاب الشافعي في أحمد قولين مبنيين على هذا الأصل: معنى أن القرآن غير مخلوق
أحدهما: أنه قديم لا يتعلق بمشيئته وقدرته
والثاني: أنه لم يزل متكلما إذا شاء.
وكذلك ذكر قولين، وممن كان يوافق على نفي ما يقوم به من الأمور المتعلقة بمشيئته وقدرته - كقول أبو عبد الله بن حامد - [ ص: 19 ] ابن كلاب أبو الحسن التميمي وأتباعه وأتباعه والقاضي أبو يعلى كابن عقيل وأبي الحسن بن الزاغوني وأمثالهم، وإن كان في كلام القاضي ما يوافق هذه تارة وهذا تارة. وممن كان يخالفهم في ذلك أبو عبد الله بن حامد، وأبو بكر عبد العزيز وأبو عبد الله بن بطة وأبو عبد الله بن منده، وأبو نصر السجزي ويحيى بن عمار السجستاني وأمثالهم. وأبو إسماعيل الأنصاري
والنزاع في هذا الأصل بين أصحاب وبين أصحاب مالك وبين أصحاب الشافعي وبين أهل الظاهر أيضا، أبي حنيفة، فداود بن علي صاحب المذهب وأئمتهم على إثبات ذلك، على المبالغة في إنكار ذلك، وكذلك أهل الكلام، وأبو محمد بن حزم فالهشامية والكرامية على إثبات ذلك، والمعتزلة على نفي ذلك، وقد ذكر في " المقالات " عن الأشعري أبي معاذ التومني وزهير الأثري وغيرهما إثبات [ ص: 20 ] ذلك، وكذلك المتفلسفة، فحكوا عن أساطينهم - الذين كانوا قبل
أرسطو أنهم كانوا يثبتون ذلك، وهو قول أبي البركات صاحب " المعتبر " وغيره من متأخريهم، وأما أرسطو وأتباعه - كالفارابي - فينفون ذلك، وقد ذكر وابن سينا أبو عبد الله الرازي عن بعضهم أن إثبات ذلك يلزم جميع الطوائف وإن أنكروه، وقرر ذلك.