ومما يبين لك أن الرازي وأمثاله كانوا يعتقدون ضعف هذه المسألة - مع فرط رغبتهم في إبطال قول الكرامية إذا أمكنهم - أنه لم يعتمد على ذلك في في أجل كتبه " نهاية العقول "، ومسألة الكلام هي من أجل ما يبنى على هذا الأصل. مسألة كلام الله تعالى
وذلك أن الطريقة المعروفة التي سلكها وأصحابه في مسألة القرآن، هم ومن وافقهم على هذا الأصل من أصحاب الأشعري وغيرهم، أحمد كأبي الحسن التميمي والقاضي أبي يعلى وابن عقيل وأبي الحسن بن الزاغوني وغيرهم من أصحاب أحمد، وكأبي المعالي الجويني وأمثاله وأبي القاسم الرواسي وغيرهم من أصحاب وأبي سعيد المتولي الشافعي، والقاضي أبي الوليد الباجي وأبي بكر الطرطوشي وغيرهم من أصحاب مالك. والقاضي [ ص: 245 ] أبي بكر بن العربي وكأبي منصور الماتريدي وميمون النسفي وغيرهما من أصحاب أبي حنيفة، أنهم قالوا: لو كان القرآن مخلوقا للزم أن يخلقه: إما في ذاته، أو في محل غيره، أو أن يكون قائما بنفسه لا في ذاته ولا في محل آخر. والأول: يستلزم أن يكون الله محلا لحوادث، والثاني: يقتضي أن يكون الكلام كلام المحل الذي خلق فيه، فلا يكون ذلك الكلام كلام الله، كسائر الصفات إذا خلقها في محل، كالعلم والحياة والحركة واللون وغير ذلك، والثالث: يقتضي أن تقوم الصفة بنفسها، وهذا ممتنع.
فهذه الطريقة هي عمدة هؤلاء في مسألة القرآن. وقد سبقهم عبد العزيز المكي صاحب " الحيدة " المشهورة إلى هذا التقسيم.