وجواب هذا من وجوه.
إن عنيت به أنه لا يصدر عنه شيء من أعيان الحوادث بعد أن لم يكن ذلك المحدث، فهذا باطل لوجهين: أحدها أن يقال له: ما تعني بقولك: لا يصدر عنه بعد أن لم يكن؟
أحدهما: أن هذا خلاف قولكم وقول أهل الملل. فإن الحوادث متجددة شيئا بعد شيء، سواء صدرت عنه بواسطة أو بغير واسطة. وإذا قلتم: الحركة هي السبب فيها، فكل جزء من أجزاء الحركة صادر عنه بعد أن لم يكن.
الثاني: أن ما ذكرته من الحجة لا ينفي ذلك، فإن كون ذاته تقتضي دوام الترجيح، لا يوجب أن تقتضي دوام ترجيح كل ممكن ولا كل مفعول، بل يكفي أن توجب دوام ترجيح أمر ما، كما تقولون أنتم: إن الذي رجحه هو الأفلاك والعناصر، دون أعيان الحوادث. [ ص: 223 ]
وإن عنيت أنه لا يصدر عنه شيء بعد أن لم يكن شيء من الأشياء صادرا عنه، وهذا هو مراده.
فيقال: غاية ما في هذا دوام فعله. وحينئذ فهذا لا يستلزم دوام المفعول المعين، لا الفلك ولا غيره بل يجوز تعاقب الأفعال القائمة به، وتعاقب المفعولات المحدثة شيئا بعد شيء، على قولك، وتعاقبها جميعا.
وعلى التقديرات الثلاثة، فحدوث الأفلاك ممكن، فيبطل استدلالك على قدمها.