وذلك أن أصول الدين إما أن تكون مسائل يجب اعتقادها، ويجب أن تذكر قولا، أو تعمل عملا، كمسائل التوحيد والصفات، والقدر، والنبوة، والمعاد، أو دلائل هذه المسائل.
أما القسم الأول إذ هذا من أعظم ما بلغه الرسول البلاغ المبين، وبينه للناس، وهو من أعظم ما أقام الله الحجة على عباده فيه بالرسل الذين بينوه وبلغوه، وكتاب الله الذي نقل الصحابة ثم التابعون عن الرسول لفظه ومعانيه، والحكمة التي هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي نقلوها أيضا عن الرسول، مشتملة من ذلك على غاية المراد، وتمام [ ص: 28 ] الواجب والمستحب. فكل ما يحتاج الناس إلى معرفته واعتقاده والتصديق به من هذه المسائل فقد بينه الله ورسوله بيانا شافيا قاطعا للعذر،
والحمد لله الذي بعث فينا رسولا من أنفسنا، يتلو علينا آياته ويزكينا، ويعلمنا الكتاب والحكمة، الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينا الذي أنزل الكتاب تفصيلا لكل شيء، وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين: ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون [سورة يوسف: 111].
وإنما يظن عدم اشتمال الكتاب والحكمة على بيان ذلك من كان ناقصا في عقله وسمعه، ومن له نصيب من قول أهل النار الذين قالوا: لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير [الملك: 10]، وإن كان ذلك كثيرا في كثير من المتفلسفة والمتكلمة، وجهال أهل الحديث والمتفقهة والصوفية.