مطلب : في ولو لم يقارنها غناء جميعها فمنها ذوو الأوتار دون تقيد ( ولو لم يقارنها ) أي آلات اللهو ( غناء ) بالمد ككساء ما طربه من الأصوات والألحان فتحرم ( جميعها ) ولو مفردة أو كل واحدة منها مفردة بنفسها ، قال الإمام حكم المطرب كالطنبور والعود : النووي في روضه : القسم الثاني أنه يغني ببعض آلات الغناء بما هو من شعار شاربي الخمور وهو مطرب كالطنبور والعود والصنج وسائر المعازف والأوتار يحرم استماعه واستعماله . قال وفي اليراع وجهان صحح البغوي التحريم ثم ذكر عن الغزالي الجواز ، قال والصحيح تحريم اليراع وهو الشبابة . وقد صنف أبو القاسم الدولعي كتابا في تحريم اليراع .
وقد حكى الإجماع على تحريم السماع الذي جمع الدف والشبابة . فقال في فتاويه : وأما إباحة هذا السماع تحليله فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت فاجتماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين ، ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والخلاف أنه أباح هذا السماع . أبو عمرو بن الصلاح
والخلاف المنقول عن بعض أصحاب إنما نقل في الشبابة مفردة والدف مفردا . قال فمن لا يحصل أو لا يتأمل ربما اعتقد خلافا بين الشافعين في هذا السماع الجامع هذه الملاهي ، وذلك وهم بين من الصائر إليه تنادي عليه أدلة الشرع والعقل مع أنه ليس كل خلاف يستروح إليه ويعتمد عليه . الشافعي
ومن يتتبع ما اختلف فيه العلماء أو أخذ بالرخص من أقاويلهم تزندق أو كاد . انتهى .
[ ص: 151 ] والذي جزم به علماؤنا وقطع به في الإقناع والمنتهى والغاية حرمة كل ملهاة سوى الدف كمزمار وطنبور ورباب وجنك وناي ومعزفة وجفانة وعود وزمارة الراعي ونحوها ، سواء استعملت لحزن أو لمرور ، ولهذا قال الناظم رحمه الله تعالى ( فمنها ) أي من آلات اللهو يعني من أنواعها وأقسامها ( ذوو ) أي أصحاب ( الأوتار ) جمع وتر بالتحريك شرعة القوس ومعلقها ويصنع للعود ونحوه فكلها محرمة ( دون تقيد ) أي من غير قيد لنوع منها بل جميعها محرمة منهي عنها .
وأما الطبل فكرهه الإمام رضي الله عنه لغير حرب ، واستحبه أحمد في الحرب وقال لتنهيض طباع الأولياء وكشف صدور الأعداء . قال وليس عبثا فقد أرسل الله الرياح والرعود قبل الغيوث ، والنفخ في الصور للبعث . وشرع ابن عقيل ، وفي الحج العج والثج ، حكاه عنه في الفروع والإنصاف وشرح المنتهى ضرب الدف في النكاح للمصنف وغيرهم . وقال في الفروع أيضا : قال الإمام رضي الله عنه : أكره الطبل وهو الكوبة نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم . أحمد
ونقل ابن منصور : الطبل ليس فيه رخصة وفي عيون المسائل وغيرها فيمن أتلف آلة لهو : الدف مندوب إليه في النكاح لأمر الشارع بخلاف العود والطبل فإنه لا يباح استعماله والتلهي به بحال . وفي الإنصاف في تحريم الضرب بالقضيب وجهان وأطلقهما في الفروع . وقدم في ، الرعايتين والحاوي الصغير الكراهة . وقال في المغني : لا يكره إلا مع تصفيق أو غناء أو رقص ونحوه . وجزم ابن عبدوس في تذكرته بالتحريم . انتهى . قال في تصحيح الفروع : قوله وفي القضيب وجهان انتهى .
يعني ، أحدهما لا يحرم بل يكره ، وبه قطع في آداب المستوعب وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير . هل يحرم اللعب بالقضيب أم لا
والوجه الثاني يحرم وهو الصواب ، وبه قطع ابن عبدوس في تذكرته انتهى .
[ ص: 152 ] وفي غنية سيدنا الشيخ قدس الله روحه : يكره عبد القادر ، ويجوز سماع القول بالقضيب ويكره الرقص . انتهى . وقد علمت أن تخريق الثياب للمتواجد عند السماع القاضي علاء الدين صوب في تصحيح الفروع التحريم وهو المذهب ، والله تعالى أعلم .
( تنبيه ) : كره الإمام التغبير ونهى عن استماعه وقال بدعة ومحدث . ونقل أحمد أبو داود لا يعجبني . ونقل يوسف لا يستمعه ، قيل هو بدعة ؟ قال حسبك . وفي المستوعب منع إطلاق اسم البدعة عليه ومن تحريمه لأنه شعر ملحن كالحداء والحدو للإبل ونحوه . الحدو سوق الإبل والغناء لها . وقد حدوت الإبل حدوا واحدا بمعنى واحد إذا ساقها وزجرها كما في القاموس وفيه أيضا المغبرون قوم يغبرون بذكر الله تعالى أي ، سموا بها لأنهم يرغبون الناس في الغابرة أي الباقية . انتهى . يهللون ويرددون الصوت بالقراءة وغيرها
وقال الصغاني في كتاب مجمع البحرين : المغبرة قوم يغبرون ويذكرون الله عز وجل بدعاء وتضرع كما قال : عبادك المغبرة رش علينا المغفرة . وقد سموا ما يطربون فيه من الشعر تغبيرا لأنهم إذا تناشدوه بالألحان طربوا فرقصوا وأهزجوا فسموا المغبرة لهذا المعنى . وقال : التغبير تهليل أو ترديد صوت يردد بقراءة أو غيرها . ابن دريد
قال الإمام رضي الله عنه : أرى الزنادقة وضعوا هذا التغبير ليصدوا الناس عن ذكر الله تعالى وقراءة القرآن . وقال الشافعي : مغبرين لتزهيدهم الناس في الفانية وهي الدنيا وترغيبهم إياهم في الآخرة وهي الغابرة الباقية . انتهى . الزجاج