وأن المرء على دين خليله وإياك والهماز إن قمت عنه والبذي فإن المرء بالمرء يقتدي ( وإياك والهماز ) أي احذره وابعد عنه ولا تصاحبه فإنه يهمزك ( إن قمت عنه ) أي من عنده ، فمتى غبت عنه همزك . قال في القاموس : الهمز الغمز والضغط والنخس والدفع والضرب والعض والكسر ، انتهى .
وفي النهاية : والهمز أيضا الغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم ، وهذا مراد الناظم هنا . وقد همز يهمز فهو هماز وهمزة للمبالغة ( و ) إياك و ( البذي ) أي الفاحش في مقالته ، المتمادي في رذالته . قال في القاموس : البذي الرجل الفاحش والأنثى بالهاء يعني بذية ، وقد بذو بذاء وبذاءة [ ص: 478 ] وبذوت عليهم وأبذيتهم من البذاء وهو الكلام القبيح ، انتهى .
وقال في مطالع الأنوار : قوله كانت تبذو على أهلها أي تفحش في القول بذو يبذو بذوا . كذا قيده القتبي . وقال الهروي فيما رويناه عن ابن معدان عن : كانت بذاء بكسر الباء ومباذاة وبذاءة فهو بذيء وبذي أي مهموز أو غير مهموز . أبي الحسين
وقد روى الترمذي وصححه في صحيحه عن وابن حبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أبي الدرداء } . ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ، وإن الله يبغض الفاحش البذيء
قال : البذيء بالذال المعجمة ممدودا هو المتكلم بالفحش ورديء الكلام انتهى . فلم يذكر إلا أنه ممدود وقد علمت أنه يهمز ولا يهمز كما في المطالع . واقتصر في القاموس على أنه مقصور فقال : البذي كرضي الفاحش . المنذري
وإنما نهاك الناظم رحمه الله تعالى عن مصاحبة مثل الهماز والبذي لئلا تقتدي بهما وتسرق طبيعتك من طبيعتهما ( فإن المرء ) وإن تحرز مهما أمكنه ولو صالحا إذا ألم ( بالمرء ) البذي والقتات والهماز ( يقتدي ) به في سيرته وتسرق طبيعته من قبح ما انطوت عليه مفاسد سريرته .
وفي الحديث الشريف { } ولفظ تبصرة يحشر المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ابن الجوزي { } . وفي كلام المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل أرسطو طاليس : الأشكال لاحقة بأشكالها كما أن الأضداد مباينة لأضدادها . وقال : من لم يرفع نفسه عن قدر الجاهل رفع الجاهل قدره عليه .
وقال الشاعر :
فما ينفع الجرباء قرب صحيحة
إليها ولكن الصحيحة تجرب فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة
وإن كنت تدري فالمصيبة أصعب
فصاحب تقيا عالما تنتفع به فصحبة أهل الخير ترجى وتطلب
وإياك والفساق لا تصحبنهم فقربهم يعدي وهذا مجرب
فإنا رأينا المرء يسرق طبعه من الإلف ثم الشر للناس أغلب [ ص: 479 ]
كما قيل طين لاصق أو مؤثر كذا دود مرج خضرة منه يكسب
وجانب ذوي الأوزار لا تقربنهم فقربهم يردي وللعرض يسلب
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فإن المقارن للمقارن ينسب