وأشار إلى الوصية الرابعة بقوله : مطلب : عند أهلها : ولا تسكنن في دارها عند أهلها تسمع إذن أنواع من متعدد ( ولا تسكنن ) أنت بها ( في دارها عند أهلها ) فإنك إن فعلت ذلك ( تسمع ) بضم التاء المثناة فوق وتشديد الميم مبنيا للمجهول أي تسمعك هي وسفهاء أهلها ( إذن ) أي بسبب سكناك في دار عند أهلها ( أنواع ) جمع نوع وحذف تنوينه ضرورة ( من ) أذى ( متعدد ) من شتم وسب ومنة وأذية لعزها وذلك ، وغناها وفقرك ، واعتضادها بأهلها ووحدتك ، فهي لرعونتها تشمخ عليك وتتفضل ، وأنت لديها تتضرع وتتذلل . لا يسكن الرجل في دار زوجته
فمن كانت هذه ، وإلى هذا الحد صار مآله ، فلا خير في حياته ، وسحقا له وللذاته . ولهذا قال الناظم رحمه الله تعالى : فلا خير فيمن كان في فضل عرسه
يروح على هون إليها ويغتدي ( فلا خير ) ولا نجابة ولا رشد ولا إصابة ( فيمن ) أي في رجل ( كان ) هو ( في فضل عرسه ) أي زوجته فكان ناقصة اسمها ضمير يعود على من وفي فضل جار ومجرور خبرها .
قال في القاموس : العروس الرجل والمرأة ما داما في أعراسهما ، وهم عرس ، وهن عرائس انتهى .
وقال في لغة الإقناع : العرس بالضم الزفاف وهو مذكر ; لأنه اسم للطعام ، والعروس وصف يستوي فيه الذكر والأنثى ما داما في أعراسهما . وجمع الرجل عرس بضمتين مثل رسول ورسل ، وجمع المرأة عرائس ، وعرس الرجل عن الجماع يعرس من باب تعب كل وأعيا ، وأعرس [ ص: 394 ] بامرأته بالألف دخل بها ، وأعرس عمل عرسا ، وعرس المسافر بالتثقيل إذا نزل ليستريح ثم يرتحل ، والاسم التعريس . انتهى .
وفي القاموس : والعرس بالكسر امرأة الرجل ورجلها والجمع أعراس ، والله الموفق . والمعنى : أن من كان من الرجال في فضل امرأته يكون مسلوب الخيرية لأنه قد عكس الفطرة التي فطر الله الناس عليها من كون الرجال قوامين على النساء وللرجال عليهن درجة .
وأما هذا فصارت هي قائمة عليه ولها عليه مزية الإنفاق عليه والإحسان إليه . فهو ( يروح ) أي يرجع ( على هون ) أي ذل وخضوع يقال : هان هونا بالضم وهوانا ومهانة ذل فهو ذليل في إيابه ( إليها ) لاحتياجه لما في يديها ( ويغتدي ) أي يذهب كذلك ، فالذل ملازم له ذهابا وإيابا ; لأن من احتاج إلى شيء ذل لمن حاجته عنده ، وهذا ينبغي أن يكون من أوصاف الزوجة لا من أوصاف الرجل ، ولكن هذا لما سلب الخيرية ، وصفات الرجولية ورضي بالذل والهوان ، وألف الراحة ، وتوسد الراحة ، كان بمنزلة النسوان ، والفتايا لا الفتيان . والله ولي الإحسان .