مطلب : العجب والكبر مذمومان شرعا وطبعا .
( السادس ) أما الشرع فقد علمت دليله . : الكبر والعجب مذمومان شرعا وطبعا
وأما الطبع فقد علم أيضا مما مر ونزيدك أيضا وضوحا أن الكبر حركات شيطانية وخطرات نفسانية يتركب من رؤية قدره ، ونفوذ علمه وحكمته وقصور غيره من حاله ، ويورثه استكبارا عن الحق إذا طولب به ، وإقامة المعاذير لنفسه عند ظهور الحجة عليه ، والغيبة عن ربه ومولاه الذي هو رقيب عليه .
فلو لاحظ ذلك لذلت نفسه ، واعتدل كبره ، وصار عزة ; إذ معرفة الله تعالى وظهور صفات النفس غالبا لا يجتمعان ، اللهم إلا في ناقص البصيرة ، بحيث يبصر أمرا ويغيب عن آخر ، فقد يدخل عليه بسبب [ ص: 230 ] العمى ما يخلفه عن ذلك ، كما قاله الواسطي رحمه الله تعالى .
ولأن من علامات الكبر أن يطلب إقامة جاهه ، وكسر غيره ، والانتقام منه بغير حق ، ولا يذكر أحدا إلا انتقصه ، وذكر عيوبه ، ونسي فضائله ، وأظهر فضائل نفسه ، وكل هذا مذموم طبعا .
وفي حديث مسلم وأبي داود وغيرهما عن عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { } . إن الله أوحى إلي أن تواضعوا ، حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يبغي أحد على أحد
قال شيخ الإسلام في اقتفاء الصراط المستقيم : فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين نوعي الاستطالة ; لأن المستطيل إن استطال بحق فهو المفتخر ، وإن استطال بغير حق فهو الباغي .
فلا يحل لا هذا ، ولا هذا .
والله الموفق .