[ ص: 337 ] مطلب : لبس النبي عليه السلام : وقد لبس السبتي وهو الذي خلا من الشعر مع أصحابه بهم اقتد ( وقد لبس ) النبي صلى الله عليه وسلم ( السبتي ) نسبة إلى السبت بكسر السين المهملة جلود البقر ، أو كل جلد مدبوغ أو بالقرظ بالقاف والظاء المعجمة محركة ، وهو ورق السلم ، والقارظ مجتنيه ، وكشداد بائعه . وأديم مقروظ دبغ به أو صبغ به من القاموس . وقال النعال السبتية الجوهري في الصحاح : والسبت بالكسر جلود البقر المدبوغة بالقرظ تحذى منه النعال السبتية .
وفي الحديث { } . ثم إن يا صاحب السبتيتين اخلع سبتيتيك الناظم رحمه الله تعالى أشار إلى بيان السبتي بقوله ( وهو ) الجلد المدبوغ من جلود البقر بالقرظ ( الذي خلا ) بالدبغ ، والنتف نحوه ( من الشعر ) الذي كان عليه حتى صار غير ذي شعر ، وبهذا فسره ( مع أصحابه ) الأخيار الذين شاد الله بهم الدين ، وأطلع شمس اليقين ، فهم نجوم الهدى ، ومصابيح الدجى ، فقد نالوا بصحبته صلى الله عليه وسلم ما امتازوا به عن جميع الأمة ، واختصهم ببركة مشاهدته حتى صاروا أئمة فمن استن بسنتهم فاز وأفلح ، ومن مال عن شرعتهم هلك وضل وما أنجح ، فعليهم رضوان الله ما تجلى بذكرهم كتاب ، وما عبق نشر شذاهم فتنعم به ذوو الألباب ، ولما كان لا نجاء لأحد من الأمة إلا بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم وبأصحابه ; إذ جميع الطرق إلى الله مسدودة إلا طريقه المستقيمة المعهودة . وكيع
قال الناظم رحمه الله تعالى ( بهم ) أي النبي صلى الله عليه وسلم وبأصحابه رضوان الله عليهم ( اقتد ) فعل أمر مجزوم بحذف الياء والجار والمجرور متعلق به وقدم مع مناسبة القافية ليفيد الحصر أو الاهتمام . يعني أن الاقتداء إنما يصلح بهم لا بزيد ولا بعمرو ومعنى اقتد استن بهم ، واحذ حذوهم ، وافعل مثل فعلهم متأسيا بهم . وفلان قدوة أي يقتدى به ، والضم [ ص: 338 ] أكثر من الكسر . وفي القاموس : القدوة مثلثة وكعدة ما تسننت به واقتديت به .
وقد روى في كتاب اللباس بإسناده عن أبو بكر الآجري رضي الله عنهما أنه كان يلبس النعل السبتية ، ويتوضأ فيها ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك . ورواه ابن عمر أبو داود وغيرهما . ورواه الحافظ والنسائي ابن الجوزي بسنده إلى عبيد بن جريج { رضي الله عنهما : رأيتك تلبس النعال السبتية ، قال إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال السبتية التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها لعبد الله بن عمر } . ورواه أنه قال وغيره . البخاري
قال : وقال رضي الله عنه : { أبو ذر يصلي في نعلين مخصوفين من جلود البقر } . رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
مطلب : يستحب كون النعل أصفر والخف أحمر أو أسود .
( تنبيهات ) :
( الأول ) : قال علماؤنا - رحمهم الله تعالى - : يستحب كون النعل أصفر والخف أحمر أو أسود .
قال في الآداب : ويروى عن أنه قال : النعل السوداء تورث الهم . يحيى بن أبي كثير
وأظن ذكره في كتاب اللباس ، قال فيؤخذ منه الكراهة . القاضي
قال : وروى عن أبو محمد الخلال رضي الله عنهما قال : من لبس نعلا صفراء لم يزل ينظر في سرور ثم قرأ { ابن عباس صفراء فاقع لونها تسر الناظرين } .
( الثاني ) : قال في عين الرعاية وتبعه في الآداب وهو مراد الجميع : يباح وقيل مع الحاجة . المشي في قبقاب خشب
وذكر ابن تميم أن الإمام رضي الله عنه قال : لا بأس بالخشب أن يمشي فيه إن كان لحاجة . أحمد
قال اليونيني في مختصر الآداب : ونقلت من مسائل حرب عن الإمام رضي الله عنه قيل له فالنعل من الخشب ؟ قال : لا بأس بها إذا كان موضع ضرورة ، وهو في الآداب ، وكأنه يريد أن يفرق بين القبقاب والنعل من الخشب . أحمد
والمذهب - والله أعلم - لا بأس ، والله الموفق .
[ ص: 339 ] الثالث ) : قال في الفروع : ويسن أن يقابل بين نعليه .
{ } بكسر القاف ، وهو السير بين الوسطى والتي تليها ، وهو حديث صحيح رواه وكان لنعله صلى الله عليه وسلم قبالان الترمذي في الشمائل ، وفي المختارة من حديث وابن ماجه . ورواه ابن عباس البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه من حديث . أنس
قال في النهاية : القبال زمام النعل ، وهو السير الذي يكون بين الأصبعين ، وقد أقبل نعله ، وقابلها . ومنه الحديث { } أي اعملوا لها قبالا . ونعل مقبلة إذا جعلت لها قبالا ، ومقبولة : إذا شددت قبالها . انتهى . قابلوا النعال
( الرابع ) لما فيه من الشهرة والاستهجان يكره أن يخالف بين نعليه بلا حاجة