مطلب : في استحباب الاكتحال بالإثمد قبل المنام .
ومنها : استحباب ; لما روى الإمام الاكتحال بالإثمد قبل المنام في مسنده عن أحمد رضي الله عنهما { ابن عباس } . أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل أن ينام في كل عين ثلاثة أميال
وفي سنن عن ابن ماجه مرفوعا { عمر } . وروى نحوه عليكم بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر من حديث الطبراني وكذا جابر أيضا بلفظ { ابن ماجه } ورواه الإمام عليكم بالإثمد عند النوم فإنه يجلو البصر وينبت الشعر من حديث أحمد مرفوعا ولفظه { ابن عباس } ورواه خير أكحالكم الإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر الترمذي وغيره بلفظ { } قال من خير أكحالكم الإثمد الترمذي حديث صحيح
. قال في شرح أوراد أبي داود وغيره : الإثمد بكسر الهمزة هو حجر أسود صلب براق يؤتى به من أصبهان يصنع منه الكحل ، والله أعلم .
وقد روى الإمام وغيره ، من حديث أحمد عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة الأنصاري عن أبيه عن جده { } قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالإثمد المروح عند النوم أبو عبيدة : المروح المطيب بالمسك : وهو عند أبي داود في سننه من هذا الوجه بلفظ { } وقال بعده : قال لي أمر بالإثمد المروح عند النوم ، وقال ليتقه الصائم : هو حديث منكر . يحيى بن معين
وكذا أخرجه الدارمي بلفظ { } . لا تكتحل بالنهار وأنت صائم اكتحل ليلا بالإثمد ; فإنه يجلو البصر وينبت الشعر
وعن رضي الله عنهما { ابن عباس } رواه الإمام أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له مكحلة يكتحل منها كل ليلة ثلاثة أميال في هذه وثلاثة أميال في هذه أحمد وابن ماجه والترمذي وقال : حديث حسن .
المكحلة بضم الميم [ ص: 385 ] والحاء المهملة بينهما كاف ساكنة التي يكون فيها الكحل . قال في القاموس : والمكحلة ما فيه الكحل ، وهو أحد ما جاء بالضم من الأدوات وتمكحل أخذ مكحلة .
وقد روى في الشعب عن البيهقي رضي الله عنهما { ابن عمر } . ورواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اكتحل يجعل في العين اليمنى ثلاث مراود ، وفي اليسرى مرودين يجعله وترا في الأوسط بسند لين قاله الطبراني العراقي
. والمرود بكسر الميم وفتح الواو وبينهما راء ساكنة هو الميل الذي يكتحل به ، والله أعلم .
ومنها نفض فراشه عند النوم ، قد ذكرناه فيما تقدم من حديث في الصحيحين ، فإنه صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } هذا لفظ إذا جاء أحدكم إلى فراشه فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مرات ، وليقل : باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فاغفر لها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين . البخاري
ولفظ { مسلم } . فليأخذ داخلة إزاره فلينفض بها فراشه ، وليسم الله فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه
فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن ، وليقل : سبحانك ربي لك وضعت جنبي وباقيه مثله . وفي رواية فارحمها بدل فاغفر لها . للبخاري
فدل هذا الحديث على اتخاذ الفراش ، وأنه لا ينفي الزهد ، وهو من السنة ; لأنه عليه الصلاة والسلام سيد الزهاد ، وقد اتخذه صلى الله عليه وسلم والله أعلم .
ومنها استحباب ، ووضع يده اليمنى تحت خده اليمين ، فإن ذلك من سنة خاتم المرسلين ، وسيد الأولين والآخرين . فقد روى استقبال النائم بوجهه القبلة أبو يعلى عن رضي الله عنها قالت { عائشة } . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بفراشه فيفرش له فيستقبل القبلة فإذا آوى إليه توسد كفه اليمين ثم همس لا ندري ما يقول ، فإذا كان في آخر ذلك رفع صوته فقال اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم إله أو رب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان فالق الحب والنوى أعوذ بك من شر كل شيء [ ص: 386 ] أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين واغننا من الفقر
وروى الإمام أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي عن رضي الله عنه { حذيفة } ورواه الإمام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا آوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وقال باسمك اللهم أحيا وأموت أحمد والترمذي أيضا من حديث والإمام البراء بن عازب أحمد عن وابن ماجه ولفظه . { ابن مسعود } . وروى الإمام كان إذا آوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وقال : رب قني عذابك يوم تبعث أو قال : تجمع عبادك أحمد وأبو داود عن حفصة رضي الله عنها قالت : { } كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه اضطجع على يده اليمنى ، وفي رواية وضع يده اليمنى تحت خده ثم قال رب قني عذابك يوم تبعث عبادك ثلاث مرات
. وروى أبو داود عن أبي الأزهر الأنماري رضي الله عنه { } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أخذ مضجعه من الليل : باسم الله وضعت جنبي ، اللهم اغفر لي ذنبي ، واخسأ شيطاني ، وفك رهاني واجعلني في النداء الأعلى
والله أعلم .