وفي حديث رشد بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن الله يبغض الشيخ الغربيب } فسره رشد بالذي يخضب . ويجمع الغراب على غربان كما في النظم وأغربة وغرابين وغرب ، وقد جمعها ابن مالك في قوله :
بالغرب اجمع غرابا وأغربة
وأغرب وغرابين وغربانا
وفي سنن ابن ماجه عن ، والبيهقي رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عائشة } ، وفي سنن الحية فاسقة ، والفأرة فاسقة ، والغراب فاسق أيضا قيل ابن ماجه رضي الله عنهما : أيؤكل الغراب قال : ومن يأكله بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { لابن عمر إنه فاسق } قال : إنما سمي الغراب فاسقا فيما أرى لتخلفه حين أرسله ابن قتيبة نوح عليه السلام ليأتيه بخبر الأرض فترك أمره ووقع على جيفة ، وقال صاحب المجالسة : سمي غراب البين ; لأنه بان عن نوح عليه السلام لما وجهه لينظر الماء فذهب ولم يرجع ; فلذلك العرب تشاءموا به ، وروى الإمام في الزهد عن أحمد رضي الله عنهما أنه كان إذا نعب الغراب قال : اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك ، وإنما تشاءمت الجاهلية بالغراب ; لأنه إذا بان أهل منزلة عنها وقع موضعهم يلتمس ويتقمقم فتشاءموا به لذلك وتطيروا منه إذ كان لا يعتري منازلهم إلا إذا بانوا عنها ; فلذا سموه غراب البين ، قال فيه شاعرهم : ابن عباس
وصاح غراب فوق أعواد بانة بأخبار أحبابي فقسمني الفكر
فقلت غراب باغتراب وبانة ببين النوى تلك العيافة والزجر
وهب جنوب باجتنابي منهم وهاجت صبا قلت الصبابة والهجر
( تنبيه ) : : منها غراب الزرع والزاغ ، وهما حلال كما بيناه قريبا ، ومنها الغداف بالغين المعجمة غراب القيظ ، وهو الغراب الضخم لونه كلون الرماد وليس هو الذي يسمى القاق . قال الغراب أصناف الحجاوي في لغة إقناعه [ ص: 46 ] ، والعقعق كجعفر طائر نحو الحمامة طويل الذنب فيه بياض وسواد ، وهو نوع من الغربان ويسمى القاق ، والعرب تتشاءم به انتهى .
وفي حياة الحيوان العقعق كثعلب ويسمى كندشا بالشين المعجمة ، وصوته العقعقة ، وهو طائر على قدر الحمامة على شكل الغراب ، وجناحاه أكبر من جناحي الحمامة ، وهو ذو لونين أبيض وأسود طويل الذنب ، ويقال له القعقع أيضا ، وهو لا يأوي تحت سقف ولا يستظل به ويوصف بالسرقة ، والخبث ، والعرب تضرب به المثل في جميع ذلك . قال شاعرهم :
إذا بارك الله في طائر فلا بارك الله في العقعق
قصير الجناح طويل الذناب متى ما يجد غفلة يسرق
يقلب عينين في رأسه كأنهما قطرتا زئبق
وفي رواية { } رواه قيل : يا رسول الله وما الغراب الأعصم قال : الذي إحدى رجليه بيضاء ، وروى الإمام ابن أبي شيبة أحمد في آخر مستدركه عن ، والحاكم رضي الله عنه قال : { عمرو بن العاص بمر الظهران ، فإذا بغربان كثيرة فيها غراب أعصم أحمر المنقار والرجلين فقال : لا يدخل الجنة من النساء إلا مثل هذا الغراب في هذه الغربان } وإسناده صحيح . كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الغزالي في الإحياء : الأعصم الأبيض البطن ، وقال غيره : الأعصم الأبيض الجناحين وقيل : أبيض الرجلين أراد قلة الصالحة في النساء وقلة من يدخل الجنة منهن . وفيه بحث ذكرته مع جوابه في كتابي البحور الزاخرة في علوم الآخرة والله أعلم .
( و ) يحسن في الحل ، والحرم للحلال ، والمحرم قتل ( شبهها ) أي شبه الغربان كالحدأة واللقلق ، وهو طائر نحو الإوزة طويل العنق يأكل الحيات ومثل ذلك النيص ، والقنفذ بالذال المعجمة وبضم الفاء وفتحها فقد روى أبو داود أن سئل عنه فقرأ { ابن عمر قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه } الآية فقال شيخ عنده : سمعت رضي الله عنه يقول { أبا هريرة } فقال : ذكر القنفذ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : خبيث من [ ص: 47 ] الخبائث : إن كان قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا فهو كما قال والله أعلم . ابن عمر