مطلب : . التواضع محمود شرعا وطبعا
( الأولى ) : التواضع محمود شرعا وطبعا وفي صحيح عن مسلم رضي الله عنه مرفوعا { أبي هريرة } . ما تواضع لله أحد إلا رفعه
وعن نصيح العنسي عن ركب المصري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } رواه طوبى لمن تواضع لله في غير منقصة ، وذل في نفسه من غير مسألة ، وأنفق مالا جمعه في غير معصية ، ورحم أهل الذل والمسكنة ، وخالط أهل الفقه والحكمة طوبى لمن طاب كسبه وصلحت سريرته ، وكرمت علانيته ، وعزل عن الناس شره طوبى لمن عمل بعلمه ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله . وقد حسنه الطبراني أبو عمر النمري وغيره . وروى ابن ماجه في صحيحه عن وابن حبان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أبي سعيد الخدري } زاد من تواضع لله درجة يرفعه الله درجة حتى يجعله في أعلى عليين ومن تكبر على الله درجة يضعه الله درجة حتى يجعله في أسفل سافلين { ابن حبان } . ولو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس عليها باب ولا كوة لخرج ما غيبه للناس كائنا ما كان
[ ص: 231 ] أخرج الإمام أحمد ورواتهما محتج بهم في الصحيح عن والبزار رضي الله عنه لا أعلمه إلا رفعه قال { عمر بن الخطاب } . يقول الله تبارك وتعالى : من تواضع لي هكذا ، وجعل يزيد باطن كفه إلى الأرض وأدناها رفعته هكذا ، وجعل باطن كفه إلى السماء ورفعها نحو السماء
ورواه بلفظ { الطبراني على المنبر أيها الناس تواضعوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من تواضع لله رفعه الله قال انتعش نعشك الله فهو في أعين الناس عظيم وفي نفسه صغير ، ومن تكبر قصمه الله وقال اخسأ فهو في أعين الناس صغير وفي نفسه كبير عمر بن الخطاب } . قال والطبراني بنحوه وإسنادهما حسن عن والبزار رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { ابن عباس } ما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملك ، فإذا تواضع قيل للملك ارفع حكمته ، وإذا تكبر قيل للملك ضع حكمته
وقال الحافظ المنذري : الحكمة بفتح الحاء المهملة والكاف هي ما يجعل في رأس الدابة كاللجام ونحوه .
في الأوسط عن والطبراني مرفوعا { أبي هريرة } . من تواضع لأخيه المسلم رفعه الله . ومن ارتفع عليه وضعه الله
وذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عبد البر لا حسب إلا في التواضع ، ولا نسب إلا بالتقوى ، ولا عمل إلا بالنية ، ولا عبادة إلا باليقين } .
وفي الآداب الكبرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { من عظمت نعمة الله عليه فليطلب بالتواضع شكرها ، فإنه لا يكون شكورا حتى يكون متواضعا } .
وقال رضي الله عنه " إن من التواضع الرضا بالدون من شرف المجلس ، وأن تسلم على من لقيت . ابن مسعود
وقال " كان يقال : الغنى في النفس ، والكرم في التقوى ، والشرف في التواضع " . ابن المبارك
وكان سليمان بن داود عليه السلام يجلس في أوضع مجالس بني إسرائيل ويقول : مسكين بين ظهراني مساكين .
[ ص: 232 ] وكان يقال : ثمرة القناعة الراحة ، وثمرة التواضع المحبة .
وقال لقمان لابنه : يا بني تواضع للحق تكن أعقل الناس .
وقال بعض الحكماء : إذا سئل الشريف تواضع ، وإذا سئل الوضيع تكبر .
وقال بزرجمهر : وجدنا التواضع مع الجهل والبخل ، أحمد من الكبر مع الأدب والسخاء .
وقال ابن السماك للرشيد : تواضعك في شرفك أفضل من شرفك .
وقال بعض الشعراء :
الكبر ذل والتواضع رفعة والمزح والضحك الكثير سقوط والحرص فقر والقناعة عزة
واليأس من صنع الإله قنوط
وقال : إن الله تعالى لما أغرق قوم مجاهد نوح شمخت الجبال ، وتواضع الجودي فرفعه فوق الجبال وجعل قرار السفينة عليه فسبحان من تواضع كل شيء لعزة جبروت عظمته ، وخضع لجلال عظيم حكمته .