هو أن ينمي على أحدهما إلى صاحبه خيرا ويبلغه جميلا وإن لم يكن سمعه منه ، يريد بذلك الإصلاح ، أو كان سمع منه كلاما قبيحا فبدله بخير منه ، إذ لو وقف على ذلك لزادت الخصومة بينهما ونشأت العداوة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم { والكذب بين اثنين أو قبيلتين أو أكثر } رواه ليس بالكذاب من أصلح بين الناس فقال خيرا أو البوائن خيرا البخاري . ومسلم
( تنبيه ) : ظاهر كلام إمامنا رضي الله عنه والأصحاب جواز الكذب في الصلح بين كافرين كما هو ظاهر الأخبار ، ورواية بين مسلمين في الخبر إرسال وفيه شهر مختلف في توثيقه . ثم يحتمل أن بعض الرواة رواه بالمعنى ، وعلى كل فظاهره غير مراد لأنه يجوز للصلح بين كافر ومسلم لحق المسلم كالحكم بينهما ، ثم هو مفهوم اسم وفيه خلاف ، ذكر ذلك في الآداب الكبرى ، ثم حط كلامه بعد الإطالة على المنع بين كافرين أو كفار وجوازه بين كافر ومسلم . الإمام أحمد
وقال عن قول في كتاب الإجماع : اتفقوا على تحريم الكذب في غير الحرب ، وغير مداراة الرجل امرأته ، أو [ ص: 141 ] إصلاح بين اثنين ، أو دفع مظلمة ، مراده بين اثنين مسلمين أو مسلم وكافر ، والله أعلم . فهذا ما ورد فيه النص ويقاس عليه ما في معناه ابن حزم ، وإنكاره المعصية للستر عليه أو على غيره ما لم يجاهر الغير بها ، بل يلزمه الستر على نفسه وإلا كان مجاهرا ، اللهم إلا أن يريد إقامة الحد على نفسه كقصة ككذبه لستر مال غيره عن ظالم ماعز ، ومع ذلك فالستر أولى ويتوب بينه وبين الله تعالى . وكل ذلك يرجع إلى دفع المضرات .
وقد قدمنا عن أن ضابط إباحة الكذب أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا به فهو مباح ، وإن كان ذلك المقصود واجبا فهو واجب ، وكذا قال الإمام الحافظ بن الجوزي النووي من الشافعية . فإذا فإنه لا يخبر به ويجب عليه الكذب في مثل هذه الحالة . ولو احتاج للحلف في إنجاء معصوم من هلكة . اختفى مسلم من ظالم يريد قتله فلقي رجلا فقال رأيت فلانا
قال الإمام الموفق لأن إنجاء المعصوم واجب ، كفعل سويد بن حنظلة قال خرجنا نريد النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا فأخذه عدو له فتحرج القوم أن يحلفوا ، فحلفت أنه أخي ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال { وائل بن حجر } ولكنه والحالة هذه ينبغي له العدول إلى المعاريض ما أمكن لئلا تعتاد نفسه الكذب . صدقت المسلم أخو المسلم