وفيه حكايتان لطيفتان وفرق بعض العلماء بين الجميلة والمليحة ، فقال الجميلة هي التي تأخذ ببصرك على البعد ، والمليحة هي التي تأخذ بقلبك على القرب . وقال أبو الفرج في الأغاني : قالت يوما سكينة بنت الحسين : أنا أجمل منك ، وقالت لعائشة بنت طلحة : بل أنا أجمل منك ، فاختصمتا إلى عائشة ، فقال : لأقضين بينكما ، أما أنت يا عمر بن أبي ربيعة سكينة فأملح ، وأما أنت يا فأجمل ، فقالت عائشة سكينة : قضيت والله لي عليها .
وقالت امرأة : ما أجملك يا لخالد بن صفوان أبا صفوان ، قال : كيف تقولين ذلك وليس لي عمود الجمال ولا رداؤه ولا برنسه ، أما عموده فالقوام والاعتدال وأنا قصير ، وأما رداؤه فالبياض ولست بأبيض ، وأما برنسه فسواد الشعر وجعودته وأنا أصلع ، ولو قلت ما أملحك لصدقت .
وفي كتاب فقه اللغة قال أبو منصور : إذا كانت المرأة بها مسحة من جمال فهي جميلة وضيئة ، فإذا أشبه بعضها بعضا في الحسن فهي حسانة ، فإذا استغنت بجمالها عن الزينة فهي غانية ، فإن كانت لا تبالي أن لا تلبس ثوبا حسنا ولا تتقلد قلادة حسنة فهي معطال ، فإذا كان حسنها بائنا كأنه قد وسم فهي وسيمة ، فإذا قسم لها حظ وافر من الحسن فهي قسيمة ، فإذا كان النظر إليها يسر الروع فهي رائعة ، فإذا غلبت النساء بحسنها فهي باهرة .
وقال في الكتاب المذكور : الصباحة في الوجه ، والوضاءة في البشرة ، والجمال في الأنف ، والحلاوة في العينين ، والملاحة في الفم ، والظرف في اللسان . والرشاقة في القد ، واللباقة في الشمائل . وكمال الحسن الشعر . [ ص: 421 ]
وقال غيره : والبراعة في الجيد . والرقة في الأطراف ، وأكثر هذا التنزيل على التقريب ، والتحقيق منه بعيد .
وقال رجل لأعرابية : إني أريد أن أتزوج فصفي لي النساء ، قالت له : عليك بالبضة البيضاء الدرماء اللعساء الشماء الجيداء ; الربحلة السبحلة ، المدمجة المتن ، الخميصة البطن ، ذات الثدي الناهد ، والفرع الوارد
والعين النجلاء ، والحدقة الكحلاء ، والعجيزة الوثيرة ، والساق الممكورة ، والقدم الصغيرة فإن أصبتها فأعطها الحكم فإنه غنم من الغنم .
قال في كفاية المتحفظ : البضة الرقيقة الجلد . وفي القاموس : درم كفرح استوى والكعب أو العظم وأراه اللحم حتى لم يبن له حجم . وامرأة درماء لا يتبين كعوبها ومرافقها . واللعساء هي التي في شفتها سواد . وكذا اللمياء والشماء هي التي في أنفها ارتفاع واستواء ; فإن ارتفع وسط الأنف عن طرفيه فهو أقنى والمرأة قنواء والجيداء طويلة الجيد ، والجيد بالكسر العنق أو مقلده أو مقدمه كما في القاموس ، وفيه جارية ربحلة ضخمة جيدة الخلق طويلة . والسبحلة الحسنة الخلق .
قال : المتنبي
ساروا بخرعوبة لها كفل يكاد عند القيام يقعدها ربحلة أسمر مقبلها
سبحلة أبيض مجردها
وقد وصف الله الحور العين بأوصاف عظيمة من أنهن حور ; والحور شدة بياض أبيض العين وشدة سواد أسودها . وقيل العين التي بدنها أسود كعين المها وبقر الوحش . والعين جمع عيناء ; وهي وسيعة العين . ووصفهن بأنهن كواعب جمع كاعب ; وهي المرأة التي قد تكعب ثديها واستدار ولم يتدل إلى أسفل ; وهذا من أحسن خلق النساء وهو ملازم لسن الشباب .
إلى غير ذلك كما في القرآن العظيم والسنة الصحيحة . وكل هذا مما يشوق أهل الإيمان إلى طاعة الرحمن ; ليدخلوا فسيح الجنان . ويتنعموا بالحور الحسان . والله ولي الإحسان . .